أهم  إنجازات النائب جمال شحاتة فى خمس سنوات 2005 -2010:  700 أداة برلمانية لمجلس الشعب فى مختلف المجالات ***** قرب افتتاح محطة مياه شرب قليوب بتكلفة 120 مليون جنيه ***** إنشاء محطة رفع و شبكة صرف صحى لقرى القطاع الريفى ***** إعادة رصف معظم الطرق بالدائرة ورصف عدة طرق جديدة ***** جمال شحاتة يحصل على موافقة وزير الاسكان على تنفيذ مشروعات الصرف الصحى والمياه فى فى معظم مناطق حى شرق ***** استكمال دخول الغاز لمعظم أنحاء حى شبرا الخيمة ***** لأول مرة بالدائرة 30 تاشيرة حج مجانية توزع بالقرعة على أبناء الدائرة ***** دورات تدريبية ل 2300 معلم ومعلمة لاجتياز اختبارات الكادر الخاص ***** قرارات علاج مجانية ب 2 مليون جنيه ***** تطوير مستشفى بهتيم وافتتاح قسم للاطفال المبتسرين بها ***** افتتاح المركز الطبى بمسطرد بعد توقف لمدة عشر سنوات ***** 25 قافلة طبية مجانية لمواطنى الدائرة استفاد منها اكثر من 11 ألف أسرة ***** مراجعات نهائية مجانية للطلبة استفاد منها 9200 طالب وطالبة ***** إنهاء 4035 طلب للمواطنين من مختلف الوزارات ***** وقف تصفية شركة المشروعات الصناعية والهنندسية ***** صرف 12 شهر لعمال شركة النيل للزيوت ***** إعادة افتتاح وحدة شهادات الميلاد بمساكن الخزف والصينى ببهتيم ***** حمل  نشرة الحصاد للإنجازات التفصيلية للنائب موثقة بالمستندات  2005-2010

 

رد هادئ على مسلسل الجماعة

الخميس، 24 سبتمبر 2009

رد هادئ على مسلسل الجماعة
بقلم / عامر شماخ
(1)

لقد هالني حجم مشاهد تشويه جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها الإمام حسن البنا، وفزعت لجرأة هذا المؤلف على تزوير الحقائق التاريخية، باختلاق الأحداث أو الانتقاص منها أو الزيادة عليها، كما فزعت لانتهاكه كل القيم والأعراف؛ من أجل إظهار الإخوان كجماعة تتاجر بالدين، وتتكسب من الدعوة، وتمارس العنف، وتمد يدها لطلب التمويل من الداخل والخارج، واتهام مؤسسها بالتطرف، والتلون والكذب، وأنه لا يعمل لله، وإنما يعمل من أجل الزعامة وحبًّا في الظهور!!.

إن الإخوان المسلمين يؤمنون بحرية الفكر والتعبير، وأن للفن دورًا رفيعًا في تقدُّم المجتمع الإنساني؛ ولكن في إطار عدم الضرر بالآخرين.. لقد أنشأ الإمام الشهيد الفرق المسرحية لتقدم الفن الراقي النظيف في معظم شعب الجمهورية منذ ثلاثينيات القرن الماضي، في وقت كان يجهل جل الشعب معنى كلمة مسرح، فكان الإخوان بذلك هم أول من نقل المسرح ووسائل الترفيه إلى القرى.. ناهيك عن دورهم المبكر في الاهتمام بباقي الفنون، كالتصوير، والكاريكاتير، والإنشاد والغناء، وأنهم من أوائل مَنْ أنشئوا إذاعة خاصة، علاوة على علاقة المرشد الأول بعدد كبير من الفنانين.

نقول هذا الكلام لأن السيد وحيد حامد- الذي فقد أعصابه بعد فشل مسلسله- ينكر على الإخوان الحق في انتقاد عمله، مستهجنًا قيام الأستاذ سيف الإسلام البنا (نجل الإمام) برفع دعوى قضائية لمنع عرض المسلسل، متهمًا الجماعة بمحاربة الفن والإبداع.

إن نجل الإمام الأستاذ سيف عندما يرفع قضية ضد المسلسل، إنما يرفعها باعتباره نجل حسن البنا، مفوضًا عن أسرته الكريمة في رد اعتبار والده الذي قُتل غيلة منذ ما يزيد عن 60 عامًا، وليس باعتباره أخًا من الإخوان.. أما الإخوان فمن حقهم رد الأكاذيب ودفع التهم عن أنفسهم، وتفنيد الأباطيل التي حشدها المؤلف في عمله، وهذه كلها لا تعني حربًا على الفن والإبداع؛ خصوصًا أن هذه الأباطيل جاءت لطمس حقائق أو تشويه أحداث تاريخية ثابتة وموثقة وليست قصة من وحي خيال المؤلف.

وإذا كان المؤلف قد انزعج من سيل الانتقادات الموجهة إلى مسلسله، واعتبر ذلك من ترتيب وإعداد تنظيم الإخوان الذي دفع شباب الجماعة لإرهاب وحيد على الـ(فيس بوك) ومواقع النت؛ فإنني أؤكد له أن الجميع قد انتقدوا المسلسل، بمن فيهم أصدقاؤه، وأن الإخوان لم يكلِّفوا شبابهم يومًا بالرد عليه، وإنما هي مبادرات عفوية؛ بسبب العداوة الطافحة التي أظهرها المسلسل لكل ما هو إخواني، بل ولكل ما هو إسلامي.

وأؤكد له أيضًا أن كثيرًا من هذه الانتقادات كانت لأسباب فنية، فالمسلسل حسب شهادة المتخصصين وحسب استطلاعات الرأي الأجنبية- التي تتمتع بالشفافية- فاشل فنيًّا، وساقط دراميًا، رغم كل ما بذل من أجل نجاحه، وأنه لم يكتب كاتب أو يتحدث متحدث مثنيًا على المسلسل إلا إذا كان واحدًا من الكارهين للإخوان، أو من المأمورين بإنقاذ سمعة المسلسل.

إن دعوة الإخوان المسلمين ومؤسسها، لا يستحقان هذا التشويه، الذي يصب في مصلحة أعداء الأمة.. وقد كان حريًّا بالدولة التي دعمت هذا المسلسل بأكثر من نصف تكلفته، ومنعت الرقابة من مراجعته؛ ثقة في مؤلفه الحاقد على الإخوان، وقيام وزير الإعلام بنفسه بمراجعة حلقاته، ومتابعة تنفيذها، والاطمئنان على الدعم الإعلاني المقدم لها.. أقول كان حريًّا بهذه الدولة- إن كانت تريد الخير لمصر- أن تمنع هذا العبث بتاريخ زعماء الأمة، وأن تقمع فتنة سوف يطال ضررها الجميع.. إلا أن مصر في فكر هذه الدولة يأتي في ذيل اهتماماتها.

إنني- من خلال حوار هادئ- أرد على ما جاء بالمسلسل من أكاذيب وتلفيقات، رغم يقيني بأن الفائز من عرضه هم الإخوان، وأن السحر قد انقلب على الساحر؛ إيمانًا مني بحق الشباب في معرفة الحقيقة التي حاول وحيد حامد طمسها.. وأنني على ثقة أن فطرة هذا الشعب سوف تجعله ينحاز دائمًا إلى ما ينفعه، وسوف تجعله يميِّز بين الحق والباطل.

لم تخل حلقة واحدة من المسلسل من أكثر من مشهد من مشاهد تشويه الإخوان، والإساءة إلى سمعتهم، وتلفيق الوقائع والأحداث التي تنتقص من قيمتهم وتزيف تاريخهم.. وفيما يلي موجز بهذه المشاهد:

الحلقة الأولى:

يظهر طلاب الإخوان في صورة منفردة، فيبدون كأنهم مجرمون، وقد حاول المؤلف حبك هذه الصورة فاختلق مشهد اعتدائهم على خصومهم من الطلاب الآخرين، وأنهم "طحنوا" هؤلاء الخصوم، وسائل الإعلام وقتها نقلت الواقع وأكدت عكس ما جاء في الحلقة.

كما يظهر أساتذة الجامعة من الإخوان في صورة سيئة، فأحدهم دميم الوجه، ساذج الفكر، يتحدث الفصحى بتشدق وتفيقه مصطنعين!!.

ويبدو الإخوان- عمومًا- في الحلقة لديهم شراهة في الأكل والشرب، فهم يلتقون على الموائد العامرة بشتى أنواع الأطعمة (لاحظ ما في هذا المشهد من غمز ولمز حول مصادر هذا التمويل الغذائي).

ويبدو الإخوان كذلك، يتاجرون بالدين.. فبهجت السواح (عبد العزيز مخيون) يطلب من موظفيه في (السوبر ماركت) الذي يملكه إعادة عرض السلع الدنماركية، بعدما هدأت هوجة الرد على الرسوم المسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم- على حد تعبير الممثل- وذلك خوفًا من انتهاء صلاحيتها!!.

حاول المؤلف إلصاق تهمة العنف بالإخوان.. ففي الحلقة يجتمع مكتب الإرشاد- في جو فخيم- في إحدى المزارع الخاصة بالجماعة!! ويتخذ قرارًا باستخدام طلبة الإخوان للعنف ضد خصومهم؛ لإظهار قوة الجماعة كما جاء على لسان الممثلين.

الحلقة الثانية:

يبدو مرشد الجماعة السابع (الأستاذ محمد مهدي عاكف) مستهينًا بباقي التيارات والقوى السياسية، (وهذا مقصود لإيقاع العداوة بين الإخوان وهذه القوى)، رغم علم المؤلف أن الإخوان لا يستعلون على أحد، ولا يجرِّحون شخصًا ولا هيئةً، وله العديد من الأصدقاء من أبناء الجماعة.

كما يبدو مستعليًا على الآخرين، مقللاً من ردود الأفعال على حادث (ميليشيات الأزهر) "المؤلف يريد بث البغض والكراهية في قلب المشاهد تجاه الجماعة ومرشدها".

محاولة إلصاق تهمة العنف بالإخوان مرة أخرى، فعند القبض على طلاب جامعة الأزهر، في الوقعة الشهيرة (في شهر نوفمبر عام 2006م) يضبط ضباط مباحث أمن الدولة سنجًا ومطاوي وسواطير، كانت معدة- حسب خيال المؤلف الجامح- للاعتداء على خصوم الإخوان من الطلاب.

إظهار رجال أمن الدولة في صورة مَنْ يحافظون على كرامة الناس، ومن يطبقون (القانون) تطبيقًا سليمًا، فهم يطرقون الأبواب، ويتعاملون مع المتهمين بلطف، ويعتذرون للبواب؛ لأنهم أيقظوه من نومه.. وعندما ينتقل إليهم المتهمون يقدِّمون إليهم الشاي والقهوة، ويوصي رؤساء الجهاز مرءوسيهم بهم خيرًا.

ويحاول المؤلف- كما يصرِّح دائمًا في واقعه- أن يثبت أن الناس تلجأ إلى التدين عمومًا، وإلى الإخوان خصوصًا؛ بسبب الفقر والحاجة، حيث يجدون عندهم الملبس والمأكل والمشرب.. وفي الحلقة يؤكد المؤلف- على غير الواقع- أن من شاركوا من طلاب الإخوان في حادث (الميليشيات)، إما من الأقاليم، أو من الأحياء العشوائية والفقيرة: "لاحظ: المؤلف تناسى أن الإخوان منتشرون في الأحياء الراقية مثلما هم منتشرون في الأحياء الفقيرة".

يبدو المرشد (الأستاذ عاكف) يتحدث الفصحى "وهذا مخالف لواقع الإخوان"، يجري مع من حوله حوارات ساخنة ساذجة، تتخللها كلمات غريبة، لا يعرفها ولا يسمع بها الإخوان.

يحاول المؤلف إثبات خطأ الإخوان، في عدم فصلهم بين الدين والسياسة "وهذا ما يرجوه وحيد (العلماني)، ويحاول إقناع المشاهد به، لأغراض في نفسه وفي نفس النظام الذي كلفه بهذا العمل".

الحلقة الثالثة:

ادعى المؤلف- على لسان إحدى الممثلات- أن الإخوان يحتكرون الدين والحقيقة لأنفسهم، وأنهم يخفون ما لا يظهرون، وأنهم هم الذين نشروا الدروشة والتواكل بين الناس، وأنهم يعتبرون أنفسهم مسلمين، وما عداهم غير مسلمين (سنرد لاحقًا على هذه الأكاذيب الخطيرة).

يخلط المؤلف بين الأحداث التي جرت في جامعة عين شمس، والتي جرت في جامعة الأزهر، ربما عن جهل، وربما عن عمد؛ لكنه في كلا الحالتين يحاول إلصاق تهمة العنف بالإخوان.

ادعى المؤلف أن الإخوان يبيحون الكذب (على لسان ضابط أمن الدولة)، وأنهم يحتفظون بأموال هائلة في بيوتهم (للإيحاء بالحصول عليها من طرق غير مشروعة)، وأنهم يشترون كتب خصومهم ويخفونها، وأن الشعب المصري بحاجة إلى معجزة للتخلص من هؤلاء الناس (على لسان عامل في مكتبة في حواره مع وكيل النيابة- حسن الرداد).

يبدو طالب الإخوان في هذه الحلقة: عصبي، متشنج، مفتول العضلات كأنه فتوة أو بلطجي؛ فيما يبدو ضابط أمن الدولة: وقور، مثقف، متأنق، رابط الجأش!!.

الحلقة الرابعة:

يبالغ المؤلف في كذبه فيدعي- على لسان راوية المسلسل المستشار كساب (عزت العلايلي)- أن الإخوان كيان سياسي بالدرجة الأولى، وأن أعضاءها لا يعرفون عنها شيئًا!!.

يصور المؤلف حسن البنا في صغره متطرفًا، فهو- حتى في لعبه- يقسِّم الناس إلى مؤمنين وكفار، ويعتدي بالضرب على أحد الأطفال محدثًا به بعض الإصابات.

ويصور الإخوان، كجماعة متشددة، لا تعرف السماحة واللين، وقد بالغ في التلفيق عندما اختلق مشهدًا للطفل حسن البنا وهو يتلو- بطريقة انتقائية- آية سورة التوبة: ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ (التوبة: من الآية 29).

(معلوم الخبث في طرح هذه القضية بهذه الصورة، قضية علاقة الإخوان بالأقباط وغيرهم من غير المسلمين، فهو لم تأته الأوامر بطرحها بشكل صريح)، (ومعلوم أيضًا رأي الإخوان في هذه القضية.. وهو ما سنثبته في الفصول التالية إن شاء الله).

يشكِّك المؤلف في روايات حسن البنا عن نفسه، والتي رددت في مذكرات الدعوة والداعية؛ مدعيًا على لسان ممثليه أنها تحتاج إلى فحص وتدقيق.

ينتقل المؤلف من نقد الإخوان إلى نقد الإسلام، فيظهر المنتقبات في صورة سيئة، فإحداهن- الشغالة- تشتبك مع البواب بالسباب والشتائم، ثم تشتبك في حوار ساذج وغير متكافئ مع من تعمل عنده (وكيل النيابة) الذي يصف النقاب بـ(البتاع)، وأن التي تلبسه (متخلفة)، وتواصل (سوسن بدر) الهجوم على النقاب، واصفةً إياه بأنه (مش فريضة)، و(مش صح)!!.

ويواصل المؤلف هجومه على الإسلام، بالطعن في علمائه (على لسان راوية المسلسل)، معتبرًا إياهم متاجرين بالدين، فالدين عندهم (سبوبة)، حسب قوله!!.

ولم يسلم التيار السلفي بدوره من هجوم المؤلف؛ حيث أكد أنهم سرقوا البلد من أهلها، وأنهم يريدون مصر غبية متخلفة.

- ويعود المؤلف- بعد هذا الفاصل- للافتراء على الإخوان، فيدعي أنهم يوزِّعون أموال الزكاة على أعضاء الجماعة فقط، ولا يعرفون شيئًا عن فقراء مصر، وأنهم يريدون إعادة مصر إلى عهد البداوة!!، وأنهم صنيعة الحكومة!!، وأنهم يتاجرون بآمال الناس، ولا يختلفون عن الحزب الوطني في فساده وانتهازيته!!.

الحلقة الخامسة:

يعود المؤلف مرة أخرى لتنفير المشاهد من شباب وطلبة الإخوان، فيصور أحد الطلبة- أثناء التحقيق معه في نيابة أمن الدولة- في صورة ساذجة، حيث يقرأ الطالب سورة (يس)- بصوت عال أجش- وتبدو عليه سيما التخلف والاكتئاب.

ومن أجل تشكيك أبناء الجماعة في مؤسس جماعتهم، ومن أجل هز الثقة في مبادئها؛ يشكِّك المؤلف في مذكرات الإمام الشهيد حسن البنا، على لسان (يسرا اللوزي) التي تقول بالنص: "بيقولوا حذفوا بعض الأشياء من مذكرات حسن البنا الأصلية"!!.

وينتقل المسلسل مرة أخرى إلى نقد الإسلام، وتوهين علاقة المسلمين بدينهم فتقول (يسرا اللوزي): "الدين بقى سوبر ماركت، بقى بضاعة، اسألوا شيوخ الفضائيات".. ويشككون المسلمين في جامعي أموال الزكوات والصدقات (بالطبع من أجل تعطيل هذه الفريضة)؛ فيحذر المؤلف على لسان الشيخ زهران أستاذ البنا (محمود الجندي) من جمع التبرعات، حتى ولو كانت لبناء المساجد أو عمارتها.

ولا يفوت المؤلف أن يؤكد المعاني العلمانية التي يعتنقها كمبدأ وعقيدة، وها هو المسلسل فرصة كي يقنع المشاهد بها، وينحي- حسب أمله- بالتالي الإسلام جانبًا.. فالأذان مكانه المسجد، ولا يجوز أن يكون في المدرسة، فالمدرسة مكان علم؛ هذا الكلام يقوله المؤلف على لسان من!؟، على لسان الشيخ زهران، الذي شهد له البنا بكمال الفقه وتمام الفهم والإخلاص في الدين.

يبدو حسن البنا في تلك الحلقة عنيدًا متشددًا، لا يحترم من هو أكبر منه سنًّا، فهو يعصي أوامر مدرسيه، ويجادل الكبار- على صغره- بصورة لا تليق.

الحلقة السادسة:

يبدأ المؤلف من هذه الحلقة في التوسع في التشويه، والذهاب بخيالاته إلى مدى أوسع، مفترضًا الغباء في المشاهد.. فالإخوان معارضة مثل باقي المعارضة!!، وقادتها مثل قادة النظام الفاسد ورؤساء الأحزاب الورقية في مصر، فلا يوجد مرشد سابق!! "لاحظ الكذب.. معلوم أن الأستاذ محمد مهدي عاكف قدَّم استقالته في 13/1/2010م، وتمَّ اختيار الأستاذ الدكتور محمد بديع خليفة له، بعد انتخابات نزيهة، شهد عليها العالم كله، وخلقت وقتها حالة من الجدل المثمر".

وشباب الإخوان- جميعًا- يغيرون رأيهم في الجماعة ويتركونها، لمجرد مناقشتهم في أفكارها من جانب السيد وكيل النيابة (حسن الرداد) أو لمجرد القبض عليهم، أو لمجرد عتاب أهلهم لهم؛ بسبب انضمامهم لهذا التيار (طبعًا هذا كلام ساذج، جعل المشاهد العادي يتصرف عن المسلسل لفرط بلاهته).

الحلقة السابعة:

كما الحلقة السابقة: يتمادى المؤلف في الضحك على المشاهد، ويسحبه الغرور إلى مناطق وعرة، فيقع في أخطاء كبيرة، فعلى لسان أبطال المسلسل يدعي المؤلف أن شباب الإخوان لا يعرفون شيئًا عن حسن البنا، وأنهم ينتمون إلى الجماعة لمجرد معارضة الحكومة.

وللمرة الثالثة يعود المؤلف إلى نقد مظاهر الإسلام.. فالنقاب عادة بدوية قبلية، واللاتي يرتدينه لهن ماضٍ مخزٍ!! و(الدقن) ليس علامة التقوى والإيمان، فالكفار- كما جاء على لسان أحد ممثلي المسلسل- كانوا (بدقون)!! إضافة إلى الطعن في الدعاة (الجدد)، ومحاولة إثبات أن الأوطان ليست أهم من الأديان.

أما المضحك في هذه الحلقة، فهو ذلك الطالب الإخواني الملتحي، الذي يبدو غوغائيًا، منكوش الشعر.. يعترف لوكيل النيابة أنه يعيش في منطقة "إسطبل عنتر" مع الإهمال والفساد والجشع، ويدعي أنه يريد أن يدخل السجن ولا يحبذ الحصول على البراءة؛ لأن في السجن- حسب قوله- سوف يجد أكلاً وشربًا ومكانًا يبيت فيه (ما زال المؤلف يحاول إقناع المشاهد بأن المنتمين للجماعات الإسلامية، يفعلون ذلك لظروفهم وحاجاتهم، وهو بذلك يخدع المشاهد الذي يعرف العديد من الإخوان ممن يقطنون الأماكن الراقية ويعطون ولا يأخذون).

وإذا كان تشويه الجماعة هو الهدف والمقصد؛ فإن تشويه الإمام المؤسس هو الأساس في هذا العمل.. ومن هنا يشكك المؤلف- للمرة الثانية- في مذكرات البنا، ويكذب ما جاء فيها بخصوص قضية المنامات الرؤى، كما يحاول أيضًا إرباك المشاهد، بتشكيكه في شخصية البنا الذي كان- حسب كلام عزت العلايلي- زعيمًا لطائفة تعد مثل باقي الطوائف التي كانت خطرًا على الإسلام.

ويحرض المؤلف المشاهد ضد شباب الدعاة، ويشكِّك في عملهم وإخلاصهم، فيبدو في أحد المشاهد داعية شاب على إحدى القنوات الفضائية- فيبدو (عزت العلايلي) الذي هو في الحقيقة (وحيد حامد) متضررًا مغتاظًا، مؤكدًا أن هذا الداعية وأمثاله ممن ينتمون للإخوان لا يعرفون شيئًا عن الدين، إنما لديهم (مقرر): لازم يدخلوه في عقول الناس بالإلحاح!!

الحلقة الثامنة:

يضع المؤلف المشاهد على المحك؛ فيستنفر لديه مهارات الجدل، ويستعديه على الإسلاميين، عندما يطرح قضية المواطنة طرحًا يناسب رغبته في تجريح الإخوان وغيرهم من الإسلاميين، فيكذب- على لسان أبطال مسلسله- مدعيًا أن بعض مفكري الإسلام يقولون: لا وطنية في الإسلام (لاحظ: هذا الاتهام يردده الآن كارهو الإسلام من الغربيين ووكلائهم المحليين).

يعود المؤلف الكاره للإخوان، الحاقد على الجماعة، ليصب ما في صدره من غل على شخص الإمام البنا، مختلقًا قصصًا وحوارات هي بالتأكيد كاذبة، فيظهر البنا في حواره مع الشيخ الدجوي (ورد هذا الحوار في مذكرات الدعوة والداعية بطريقة تبكي من في قلبه ذرة من إيمان)- انفعاليًّا، مندفعًا، أحمق؛ وهذا ما دفع أصدقاء الشيخ إلى سبه وشتمه، واتهامه بالمرض النفسي، وبالتحايل لحضور موائد الطعام!!.

كذبة أخرى في الحلقة نفسها، يقدِّمها المؤلف للمشاهد كأنها حقيقة، وغرضه من ذلك: اتهام الإخوان بالعمالة لدول أخرى، وتلقيهم أموال ومعونات خارجية منذ تأسيس جماعتهم.. فالشيخ محب الدين الخطيب يتحدث مع الإمام الشهيد عن تمويل سعودي لوالد البنا، مادحًا النظام السعودي الوليد (لاحظ أيضًا: محاولة المؤلف الربط المبكر بين أفكار الإخوان والأفكار الوهابية).

الحلقة التاسعة:

المؤلف ناقم على كل شيخ، وكل داعية، وكل منتمٍ للفكر الإسلامي.. ولهذا فلا حرج في تزوير الوقائع وتغيير الأحداث كي تخدم غرضه في تشويه الجماعة وصرف الناس عنها.. فالأزهريون انتهازيون، حاقدون، يمكن شراء أحدهم بعشوة، يغيِّر على أثرها رأيه، وفتاواه.. والبنا أيضًا براجماتي، غايته تبرر وسيلته، يضيف شيخًا أزهريًّا ويقدم له هدية كي يترك له مكانه بالمسجد!!.

أما رسالة المؤلف التحذيرية لكل من يريد من الشباب الانتماء إلى الجماعة فهي: إن مؤسسي الجماعة مجموعة من الأميين السذج (كلهم صنايعية)، يجتمعون عند (مكوجي رجل)، يردِّدون الأدعية في الطريق بشكل همجي، ويتسابقون في تقبيل يد البنا (أطال المؤلف في هذه اللقطة بشكل بدا مفتعلاً ومملاًّ)، واصفين إياه كأنه رسول جاء إلى بلدهم مبشرًا ونذيرًا.

وفي لقطة ظن فيها المؤلف أنه ضرب عصفورين بحجر، يذكر البنا حديث البيعة أمام أصحابه الستة المؤسسين، طالبًا منهم السمع والطاعة وضرب عنق من يخرج عن أصول هذه البيعة؛ وهو يبدو فرحًا بتلك الزعامة؛ حيث ينظر في المرآة منتشيًا، سعيدًا، منتفخ الأوداج (لاحظ هنا: يحاول المؤلف لصق تهمة العنف بالمؤسس، وأنه يقتل أصحابه، كما يشكك في إخلاصه ونواياه، بإظهار سعادته بالزعامة الجديدة).

يعود المؤلف- فجأة- إلى إخوان 2006م، فيسبهم ويحرج مسئوليهم وقادتهم، ويصورهم كالمجرمين الذين يعقدون الصفقات الحرام.. فالمرشد السابع (محمد مهدي عاكف) يتفق بصورة غير شرعية مع أحد رؤساء تحرير الصحف المستقلة؛ لاستغلال صحيفته في نشر أخبار وأفكار الإخوان مقابل مبلغ مالي تدفعه الجماعة لهذا الصحفي (لم يقل وحيد حامد للمشاهد إن راقصات مصر ورجال أعمالها الفاسدين يمتلكون شركات صحافة، والجماعة محرومة- وهي أكبر فصيل دعوي وسياسي، وتملك أعدادًا كبيرة من أعضاء نقابة الصحفيين- من إصدار ولو نشرة صغيرة!!).

ويستمر المؤلف "البارع" في كيل السباب للإخوان بطريقة مباشرة ساذجة على لسان (تيمور)، ذلك الشاب الإخواني الذي اكتشف- فجأة- أنه تورَّط في الانضمام للإخوان، فهم- في نظر (تيمور)- منافقون، مثلهم مثل باقي الأحزاب، لكنهم اختاروا الطريق الأسرع إلى قلوب الناس؛ طريق الدعوة والدين.

(2)

في الحلقة العاشرة يحاول المؤلف الفكاهي إضحاك المشاهد على قادة الإخوان؛ في محاولة يائسة منه للتقليل من مكانة قادة الجماعة الذين يحظون طوال تاريخها باحترام الجميع لهم... فيصور المرشد السابع- بطريقة كارتونية- وهو يحمل أثقالاً؛ لإضحاك المشاهد كما قلت، ولإلباس المرشد وجماعته ثوب العنف الذي لا يتم إلا بالمحافظة على الرياضات العنيفة وألعاب القوى.

حسن البنا نرجسي، مغرور.. هكذا يخترع المؤلف تلك الصفات الذميمة؛ ليقلل بها من قدر ذلك الرجل الذي يعد- بحق- أحد أئمة الإسلام العظام ومجدد القرن العشرين.. فهو يفرح كثيرًا وتنفرج أساريره عندما يناديه أخ من المؤسسين بلفظ (فضيلة المرشد)، ويغضب- في المقابل- عندما يقول له أحمد السكري إنه مرشد المحمودية.. ولا يكتفي المؤلف الموتور بتلفيق تلك المشاهد بجرأته النادرة- بل يؤكد للمرة العاشرة- وبطريقة مملة- أن البنا كان عصبيًّا، عالي الصوت مضطربًا، يجيد اللف والدوران، يستخدم الإشارات والغمزات (السوقية)، ولا يتردد في استخدام الألفاظ الخارجة في حواراته، فترد على لسانه كلمات مثل: المولد، والرقاصة، وغيرهما!!

يخشى المؤلف أن يكون المشاهد قد نسى أن هناك علاقة للإخوان مع السعودية (الوهابيين)، وأن هناك تمويلاً من هذه الدولة لمساعدة الجماعة- فيعود لتأكيد ذلك؛ لأغراضه الخبيثة كما سبق وذكرنا، في مشهد ساذج وحوار أبله بين الإمام الشهيد والأستاذ حافظ وهبة.

الحلقة الحادية عشرة:

في هذه الحلقة يلح المؤلف في توصيل رسالة للمشاهد مفادها: أن الإخوان لا يعملون لله؛ وإنما يعملون لمصالحهم.. فالبنا يدعو المسلمين لبناء المسجد مقرًّا للإخوان الذين هم في أمس الحاجة إلى مقر لكنهم لا يملكون المال، وبالتالي لا بد من خداع الناس للتبرع للمسجد.
تبدو حوارات البنا في
المسلسل عمومًا، وفي هذه الحلقة خصوصًا: تافهة، سطحية، لا تمت بصلة لما عرف عنه من رجاحة العقل وعظم الموهبة، وأصحابه أيضًا يبدون سذجًا، منبهرين به، مطيعين له طاعة عمياء!!

لو اطلعت على الحوار الذي لفقه وحيد حامد ودار بين رئيس هيئة قناة السويس والإمام البنا، لأدركت أن هذا المسلسل يعد أجرأ عملية تزوير تاريخي، وأن هذا المؤلف ليس لديه أي اعتبارات مهنية عند تنفيذه لهذا العمل، فالمهمة الكبرى عنده أن يسود صفحة الإخوان، وأن يهيل التراب على ماضيهم وحاضرهم.. في الحوار يصف المؤلف البنا بالجهل والغباء (أنا مش ناقص وجع دماغ)، وبالانتهازية والنصب (خليه يبحبح إيده شوية)، وبالتعصب والعنصرية (اشمعنى اتبرع للكنيسة بنصف مليون جنيه؟!) وبالابتزاز والمساومة (ممكن نعتبر دا دفعة أولى؟!) مع العلم أنه لم تحدث كلمة واحدة من هذا الحوار الساقط، كما أكدت مذكرات البنا، وكما أكد نجله في حوار لموقع (إخوان أون لاين)، وكما هو معلوم عن طبيعة الإمام الشهيد الذي كان يعتز بدينه ووطنيته.

يعود المؤلف ليؤكد- بالكذب- علاقة الإخوان بالسعودية، في لقاء- من وحي وحيد- يجمع الثلاثي البنا ورشيد رضا ومحب الدين الخطيب، يحاولان خلاله إقناعه بأن يكون إسلامه كإسلام السعودية!! وقد عرضا أن يدعماه ماديًّا ومعنويًّا.

الحلقة الثانية عشرة:

يحاول المؤلف في هذه الحلقة- بطريقة غبية وساذجة- تنفير المشاهد من البنا وجماعته، وتصويرها على أنها جماعة متشددة، تتبنى العنف، وتستعلي على باقي المسلمين، وتحتفظ لنفسها بالعلم والدين من دون الناس، كما يبدو البنا في الحلقة محبًّا للظهور، طالبًا للزعامة، كارهًا لكل من ينافسه في منصبه وسلطانه.. فيختلق المؤلف مشهدًا تبدو فيه مجموعة من الخيام في منطقة صحراوية، يتدرب حولها أفراد الإخوان على الأعمال العنيفة، ويبدو البنا مفتخرًا بهذا العمل محدثًا محاوره بأن: "القوة لازمة وضرورة لنا، فلسنا من المستضعفين في الأرض، وإن لنا أهدافًا أخرى من هذه القوة غير الدفاع عن الجماعة!!".

ولكي يضمن المؤلف أن الرسالة- رسالة تنفير المشاهد من الجماعة ومؤسسها- قد وصلت إلى المشاهد، فإنه يؤكدها بطريقة شرعية، فيبدو أحد الأزهريين من أصحاب البنا يقول له: "إن الجماعة بدعة"، لما قد تحدثه هذه الجملة من بلبلة في ذهن المشاهد، خصوصًا أن قائلها أزهري وإخواني، وخصوصًا أن البنا يبدو نرجسيًّا للغاية، فهو يعلق صورة له بحجم كبير خلف مكتبه، وأصحابه يعدونه أميرًا للمؤمنين حتى أن أحدهم يقول له بالنص: "اترك التدريس وكل من بيت المال، كأمراء المؤمنين!!".

ولقد بالغ المؤلف (الجريء) في تشويه البنا في هذه الحلقة بصورة مزعجة، ولم يستح أن يتهم عمله بالمط واللا موضوعية، كما لم يخش أن يقال إنه كذاب.. فيأتي بمشهد ذكره الإمام الشهيد في مذكرات الدعوة والداعية، إلا أن المؤلف (البطل) يحرف فيه، فيبدو فيه البنا ضعيف الشخصية، قليل العلم والحجة، في حين أن من يقرؤه في المذكرات يعجب بتلك الشخصية وينبهر بعملها ومنطقها.. أقصد قصة لقاء الإمام مع القاضي الشرعي للإسماعيلية ومجموعة من أصدقائه ومن بينهم القاضي الأهلي، وخلافهم حول الشرب في أكواب الفضة.

الحلقة الثالثة عشرة:

لو سألت المشاهد العادي عن أبغض شخصية إلى قلبه في هذا المسلسل لقال على الفور: عزت العلايلي، وهو راوية المسلسل، الذي يلخص- في الوقت ذاته- الأحداث ويربطها ببعضها، ويقوم بتوصيل الرسائل التي يريد المؤلف توصيلها إلى المشاهد.. وراوية هذا المسلسل كذاب، ما صدق في كلمة واحدة خلال المسلسل بأكمله، ومن أمثلة كذبه في هذه الحلقة: "الأحزاب الدينية خطر يهدد السلام الاجتماعي"، "اللي مش إخوان واللي مش مؤمن بمنهج الإخوان إسلامه ناقص"، وهذا هو منهج الجماعة، "الإخوان مشغولين بالمظهر الإسلامي فقط، حسن البنا استفاد من التنظيمات الشيعية، وتأثر بالحشاشين"، "البنا عمل تنظيم قتالي كما فعل حسن الصباح"، "عمر التلمساني قال إن البنا قرأ في الشيعة حتى التشيع"، و"سيد قطب كان يكره البنا"، وهكذا يتحدث هذا الراوية خلال المسلسل بهذه الطريقة الفجة، وبهذا الكذب البواح، وبجرأة يحسد عليها.

يختلق المؤلف واقعة للتشكيك في ذمة البنا وجماعته، وللتقليل من شأنه، وإظهاره بأنه لا يستحق كل هذا الاحترام والتقدير.. فتبدو مجموعة من المتمردين عليه- بعد انتقاله إلى القاهرة بقليل- يتهمونه في ذمته، ويعترضون على اختياره للشيخ الجداوي وكيلاً للجماعة- فنراه وهو الشخص المشهود له باللين والحلم، يدبر عمليات ضرب وخطف لمعارضيه بصورة أشبه بحرب العصابات، بل بالغ المؤلف في الكذب عندما صور الطرفين كفتوات الحارة فاخترع معركة بالنبابيت، فاز- بالطبع- أنصار البنا.

وهذه الواقعة تكذبها مذكرات الدعوة والداعية.. وكذبها كذلك الدكتور وحيد عبد المجيد في مقال له بـ(المصري اليوم) (27/8/2010م) جاء فيه: "إذا جاز القول إن أسلوب البنا في إدارة الخلاف الكبير الأول في تاريخ الجماعة كان مؤشرًا إلى بداية اللجوء إلى العنف كما جاء في المسلسل، فقد يجوز القول أيضًا في المقابل إنه أرسى مبدأ الانتخاب في الجماعة، فالمثبت تاريخيًّا أن اختيار مسئول شعبة الإسماعيلية تم بالانتخاب، وأن الخلاف كان على مدى سلامة الإجراءات المتبعة في الاقتراعين اللذين أجريا لاختياره".


ويشكك
المؤلف المسكين في قدرات البنا- على لسان الرداد- فيؤكد أن هذا الجهد الكبير ليس من إنتاجه وحده، ويصوره في مشهد آخر بصورة العاجز، فهو كلما ضاقت به الحال- وكثيرًا ما تضيق- يضطرب فلا يستطيع الكلام، ويردد: لا حول ولا قوة إلا بالله.


أما
إخوان (2006) فلا يسلمون من أذى وحيد في هذه الحلقة- وبقية الحلقات بالطبع- فالأستاذ عاكف يقرأ مقتطفات- في أحد المشاهد- من رسالة التعاليم تؤكد معاني السمع والطاعة والثقة في القائد، حيث يتم التركيز على هذه الجمل والضغط عليها كثيرًا.. وفي مشهد آخر حوار عن محاولة الإخوان لإنشاء قناة فضائية وعاكف يؤكد "لو 40 أو 50 مليون دولار مش مشكلة" (أي: أن أموالنا كثيرة والحمد لله، والدعم والتمويل الخارجي مستمران لم ينقطعا!!).

أما المشهد (الخائب) فهو غضب (عاكف) على نساء الجماعة، وترديده لألفاظ لا يقولها إلا حامد وإخوانه، حيث يصدر- أي عاكف- أوامر للتنفيذيين بأن تنزل الأخوات المظاهرة.. "واللي مش حتروح المظاهرة تروح بين أهلها" (معلوم أن عمل الأخوات في الجماعة اختياري، والزوج فقط هو من يستطيع أن يقول: زوجتي تعمل أو لا تعمل).


الحلقة الرابعة عشرة
:

اجتماعات في الظلام وإمام دميم الوجه ذو صوت أجش يصلي في إحدى شعب الإخوان يقرأ من سورة القيامة بما فيها من تخويف وتهديد ووعيد هؤلاء هم الإخوان أراد المؤلف المنصف أن يقولها للمشاهد الساذج الذي سمع في الحلقة نفسها عقيدة الإخوان والتي لن يصدق بعدها كل ما يقوله حامد وممثلوه الأفذاذ.

وفي تحدٍّ صريح لكل مواثيق العمل الإعلامي يكذب وحيد ويتحرى الكذب فيقول إياد نصار على لسان البنا: على الجامعة أن تعزز نفسها بالأثرياء والوجهاء وهذا مخالف لصفات الجماعة التاريخية التي تؤكد: البعد عن هيمنة الكبراء.


ويخوف
المؤلف الأقباط من الإخوان وهي خطة الدولة نفسها فيتطرق إلى حديث البنا عن المبشرين بصورة تقلق الطرف الآخر ويشكك أيضًا في قصة ذكرها الإمام في مذكراته عن رؤية رآها لشباب كاد أن يتنصَّر، وهدف وحيد من ذكر القصة زيادة جرعة تخويف الأقباط من ناحية والتشكيك كما ذكرت في روايات البنا ومذكراته من ناحية أخرى.

الحلقة الخامسة عشرة:

يحذر المؤلف الحكومة من خطر الإخوان المسلمين فإنهم حسب رأيه يقدرون أهمية الإعلام ولذا ينشئون مشروعات الطباعة وغيرها وهذا تحريض واضح وحرمان الإخوان كمواطنين من أبسط حقوقهم.

مشهد لمجموعة من الإخوان يتدربون على نماذج لبنادق خشبية يقوم بتدريبهم شخص كريه الوجه، وتبدو المجموعة المتدربة عنيفة شرسة متعطشة للدماء.

في لقاء يجمع قادة حزب الوفد مع زعيمهم النحاس باشا يتم التأكيد خلاله على أن البنا صنيعة الملك والإنجليز، وفي اللقاء نفسه يتم الطعن في الخلافة على لسان النحاس: (حسن البنا ده عاجبوا إيه في الخلافة؟) طبعًا هذا من كذب وحيد حيث لم يقل التاريخ إن النحاس كان ناقمًا على الخلافة.


الحلقة السادسة عشرة
:

من جديد ينفر المؤلف المشاهد من حسن البنا الذي يظن نفسه نبيًّا مرسلاً فعبد الرحمن البنا يخطب والإمام يبدو فرحًا بما يقول شقيقه وخصوصًا عبارة: إن فضيلة المرشد يربي الإخوان كما ربى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته في دار الأرقم بن أبي الأرقم.


ومن
جديد أيضًا، ينفر المؤلف المشاهد في الخلافة التي يدعو إليها الإخوان حيث يدور حوار بين طالب إخواني وزميل له يعرفه بدعوة الإخوان فيقول الأخير: كلمني عن أي شيء إلا الخلافة العثمانية، الخلافة العثمانية لم تحكم بالعدل والدولة الأموية عملت إيه؟!

مشهد مضحك لمجموعة أطباء من الإخوان يستغلون مجموعة من البسطاء كي يرددوا شعارات الجماعة، في مقابل العلاج الاقتصادي أو العلاج بالمجان أراد وحيد أن يضحك المشاهد بهذه اللقطة إلا أن الجميع ضحك عليه إذ في هذه الفترة لم يكن الإخوان قد أنشأوا المستوصفات بعد.

يتذكر المؤلف فجأة كلاًّ من محب الدين الخطيب ورشيد رضا فيختلق لهما مشهدين في هذه الحلقة مع البنا، يؤكد في اللقاء الأول أن لقاءاتهم كانت سرية ومشبوهة حيث تعقد في الظلام والكلام فيها بالهمس.. أما اللقاء الثاني فجعله خصيصًا لوصم البنا بالجبن وبعدم الوطنية وبأنه وجماعته ينأون بأنفسهم عن مواجهة المتاعب.. حيث عرض الشيخان الخطيب ورضا على الإمام ضرورة مواجهة الإنجليز فكان يراوغ ويتنصل مبتعدًا بنفسه عن تلك المواجهة، زيف وحيد طبعًا تاريخ مصر في هذا المشهد فأين جهاد الإخوان في القناة إذا؟ سوف نشير إلى هذه القضية لاحقًا.

مشهد آخر مضحك حيث يستقبل الإخوان البنا بعد عودته من رحلة الحج ويتعاملون معه كأنه شيخ طريقة صوفية يقولون فيه الشعر وهو جالس (منشكح) وقد تحولت المناسبة إلى جلسة للسباق.

في مدح وتقديس البنا هذا الكلام لا يعرفه الإخوان ولا يسمحون به من الأساس وهذا ما رباهم عليه البنا نفسه.

من أكثر المشاهد سقوطًا في هذا المسلسل والتي فضحت المؤلف ومن يقفون وراءه في مشهد السخرية من الأخ الداعية الدكتور عمرو خالد، بطريقة تحمل كل معاني الإثم والزور فهو يختلس النظرات الشهوانية إلى المذيعة ويتاجر بالدين ويكذب على من حوله ومن أجل المادة يمكن أن يحتمل الإساءات والطرد من مكتب مدير القناة الفضائية فضلاً عن قلة علمه وضحالته حتى أن طالبًا في معهد التمثيل يمكن أن يقوم بما يقوم هو به على حد قول مدير القناة.

أما الإخوان؛ إخوان 2006 فلم يسلموا من السب والشتم المباشر في هذه الحلقة فجاء على لسان صلاح عبد الله أنهم طائفة منغلقة على نفسها لا يعرف أحد عنهم شيئًا لا يتزوجون من غيرهم ولا يزوجون غيرهم استثماراتهم الضخمة مقفولة عليهم، ويخوف المؤلف المشاهد من الانضمام إليهم أو التقرب منهم عن طريق وكيل النيابة الرداد الذي يؤكد باعتباره رجل قانون أن من له ملف يبقى طول عمره بدون تقطيع.

الحلقة السابعة عشرة:

الراوية الكذاب عزت العلايلي بمنطقه التآمري الذي يفسر كل خير يأتي من الإخوان على أنه شر يؤكد في هذه الحلقة: أن حسن البنا كون فرقة مسرحية شارك فيها أكبر وأشهر الممثلين لا لأنه يعترف بالمسرح أو يحبه وإنما لكي يخدم به الدعوة بدليل أنه لم يدخل السينما ولو مرة واحدة، ولم يزر الأهرامات سوى مرة واحدة انظروا إلى عبقرية المؤلف.. ويؤكد العلايلي بمنطقه التآمري أيضًا أن إخوان اليوم لا يعترفون بالمسرح.


يبدو
حسن البنا في هذه الحلقة تابعًا للقصر انتهازيًّا متآمرًا وخصوصًا في مشهدين أحدهما إثر وفاة الملك والآخر أثناء لقائه بعلي ماهر.

أمنية حياة وحيد حامد العلماني أن يدع الإخوان السياسة وأن يعترفوا بفصل الدين عن الدولة ولا يجد الكاتب وحيد عصره سوى الشيخ طنطاوي جوهري (عبد الرحمن أبو زهرة) ليجري هذا الرأي الغريب عن الإسلام على لسانه والذي بالتأكيد لم يقله وإنما هي كذبة من كذبات وحيد إذ يقول الشيخ جوهري للبنا: السياسة تفسد الدين والدين يفسد السياسة سوف نرد على هذا الرأي الفاسد لاحقًا.

تدليس آخر من جراب المؤلف الكفء يخرجه هذه المرة متهمًا به الإمام الشهيد حسن البنا؛ ليبدو الأخير كالذي يلعب بالبيضة والحجر، فعندما يطلب علي ماهر نصيحة البنا لتجميل صورة الملك أمام الشعب ينصحه البنا بالصلاة أمام الجماهير، والتردد على المساجد قائلاً: أنا دليته على السكة.

كان الإمام البنا أبعد الناس عن المظاهر، وقد ذكر نجله الأستاذ سيف الإسلام في حوار لموقع (إخوان أون لاين) أن مجلة المصور أجرت حوارًا مع والده في 3 يوليو 1947م والتقطت في هذا الحوار عدة صور له وهو يصلي، فأرسل خطابًا يطالب فيه بألا تُنشر هذه الصور قائلاً: "لا أشجع أن يُعْلَنَ عن صلاة أو تعبد فتلك لله وحده".

وإذا كان لفظ الخلافة مما يشمئز منه المؤلف ولا يود سماعه أبدًا، فقد حاول للمرة الرابعة نفير المشاهد منه على لسان النحاس باشا الذي طعن في الخلافة التي ينادي بها البنا، مؤكدًا أن الخلافة كانت على عهد الخلفاء الراشدين فقط، "لكن إيه اللي شفتوه من الخلافة العثمانية".

وما زال النحاس باشا يشتم ويسبُّ في الإخوان، ووحيد يهدف من وراء ذلك أيضًا أن يوقع العداوة والبغضاء بين الطرفين الحاليين، خصوصًا بعد قيادة الوفد الجديدة واحتمالات وجود تحالف انتخابي كما حدث عام 1984م فهو يقطع الطريق على هذا التحالف باستدعاء العداوات القديمة، وبإظهار النحاس كأحد الكارهين للإسلام.

وإذا كانت جماعة الإخوان لم ولن تكون جماعة دراويش، إلا أن وحيد يحاول إلى تلك الحقيقة؛ لينفِّر الناس من الجماعة ومؤسسها، فالبنا في أحاديثه وخطبه يبدو كمن يُحضر الجان، وشباب الإخوان قليلو الذوق، ومستمسكون بقشور الدين، بعيدون عن واقع المجتمع، فأحد الداخلين إلى المركز العام (موفد من علي ماهر باشا) يلقي على المجتمعين بالمركز تحية المساء (مساء الخير)، فيلقنه أحد شباب الإخوان درسًا في أصول التحية، وأنها لا بد أن تكون: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحلقة الثامنة عشرة

تعد هذه الحلقة من أكثر الحلقات التي يبدو فيها المؤلف مضطربًا ربما لكثرة ما طرحه خلالها من أكاذيب، فتاهت منه خيوط اللعبة، فظهر حقده على الجماعة ومؤسسها بصورة جعلته يتعرض بعد إذاعة الحلقة لانتقادات فنية شديدة، فالحوارات ساذجة، وضحلة الأفكار، ولا تليق بحسن البنا، ولا بالسياسيين الذين وردوا بالحلقة، وقد أنزل المؤلف البنا منزلاً لا يصدقه عاقل، فحسن البنا ينزل نفسه منفردًا كي يشتري السلاح من تجاره، والتفاصيل مضحكة، وأمام المؤسس في حوار مع أحد إخوانه يسأله عن أحوال الأحزاب وحجم الإخوان كمن لا يعرف شيئًا عن جماعته (من عاصروه، يؤكدون أنه كان يملك ذاكرة حديدية، وقدرة عجيبة على تحليل الأحداث والوقائع، وعلى استقراء واستنباط النتائج التي ما خرجت عن توقعاته يومًا ما).

وفي الحلقة مَشَاهد حاول المؤلف أن يؤكد فيها تجذُّر العنف داخل الجماعة منذ تأسيسها على يد البنا الذي كان يشتري السلاح بنفسه كرجل عصابات، وكان يستمع لشرح استعمال المسدس من أحد معاونيه من ضباط الجيش الصاغ محمود لبيب، والذي في نيته أي البنا أن يقتل به كل من يقف في طريق الدعوة مسلمًا كان أو غير مسلم، حاكمًا أو محكومًا، وهذا سرُّ المشهد الذي يستمع فيه البنا عندما كان في زيارة لإخوان طنطا لصوت الشيخ رفعت وهو يقرأ آية سورة المائدة ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ (30) فأخذته الرجفة، وأمر على الفور بإطفاء الراديو.

الإلحاح.. الإلحاح.. هذه طريقة وحيد حامد الفاشلة في توصيل أفكاره وأفكار النظام الفاسد الذي كلفه بهذا العمل المسفّ، فإنه يحشد الفكرة والفكرتين على مدار الحلقة الواحدة أو الحلقتين على الأكثر يُنَوِّع خلالها المشاهد؛ ليوصلها إلى المشاهد، معتمدًا على الكذب تارة وعلى التحريف تارة أخرى، فيعيد في هذه الحلقة قصة التخويف من الخلافة على لسان النحاس باشا الذي يقول: إن الخلافة تعني الاستبداد"، ولمزيد من الطعن في الإخوان يضيف: "جماعة الإخوان ضد الدولة المدنية" هذا كلام غير صحيح بالمرة.

كما يعيد قصة اتهام الإخوان بالعمالة؛ حيث استخدمهم الملك لمجابهة الوفديين تارة، ولتأييده والهتاف باسمه تارة أخرى.

ومن مشاهد الإلحاح أيضًا: اتهام الإخوان بالسذاجة والدروشة؛ لإبعاد الشباب عن طريقهم، وفي هذه الحلقة ترى أحد شباب الإخوان لا يشغله في احتفال طنطا سوى تصحيح مفاهيم عامل الميكرفون الذي يردد أثناء تجربة الصوت 1، 2، 3 فيقول له الأخ لا تقل 1، 2، 3، ولكن قل بسم الله الرحمن الرحيم.. وفي هذا الاحتفال ترى أيضًا اليفط الساذجة، والهتافات الساذجة، والشخصيات الساذجة التي تُقَبِّل يد المرشد، وتتمسح به كأنه نبي.

وأخيرًا يختمها وحيد ختامًا أراه غبيًّا وعنصريًّا، فالبنا يعطي بعد إلحاح نقيب معلمي التعليم الإلزامي الحق في عقد اجتماعاتهم في شعب الإخوان، بعدما ضاقت بالنقابة الحال ولم تجد مقرًّا يأوي هؤلاء الزملاء، فماذا فعل وحيد بهذا الموقف؟ اعتبر ذلك فكرًا أصيلاً في الإخوان، هذا الفكر يقوم على سرقة النقابات واستغلالها لخدمة الجماعة، وقد اختلق حوارًا يبشر فيه البنا أنصاره بالاستعداد لاستقبال النشء الذي صارت نقابة معلميهم في عب الإخوان.

الحلقة التاسعة عشرة

النحاس يسخر من الخلافة للمرة (...)، واضح أن التعليمات: كفر حزب الوفد.
هذه
الحلقة مخصصة لـ(الإخوان والعنف) فهناك أكثر من مشهد لأعضاء الجماعة، وهم يتدربون على الأعمال العنيفة، وحسن البنا في زي عسكري لأول مرة يتحدث مع مساعده عن الجيش السري.

وطلاب الإخوان بالجامعة بلطجية، اعتدوا بالضرب على طلبة مصر الفتاة.

الحلقة العشرون

عاد الراوية الكذاب عزت العلايلي ليقول، وهي بالطبع أفكار المؤلف: الملتزمون يكذبون دائمًا، التحايل حاجة مش غريبة عن هؤلاء الناس- يقصد إحدى المنتقبات وأباها المتدين.

من الإلحاح في هذه الحلقة: حركة تقبيل يد المرشد، والملك مبسوط من الإخوان؛ لأنه يستخدمهم لكسر شوكة الوفد، وإظهار البنا بمظهر لا يليق بمكانته في نفوس الإخوان؛ حيث لا يعبأ به الملك وهو في المقابل يبدو مهمومًا حزينًا حريصًا على مقابلته.

سؤال من الذي أعطى وحيد حامد تلك الجرأة العجيبة على الكذب والتزوير إلى درجة إتيانه بوقائع سجلتها أدبيات الإخوان وأدبيات غيرهم بل سجلتها محاضر وقاضيا رسمية ثم يستعرضها بطريقة أخرى معاكسة تمامًا لما جاءت في المصادر التي أشرنا إليها؟
على سبيل المثال يختلق وحيد مشهد ساعة إنشاء التنظيم
الخاص، يؤكد فيه البنا لمن بايعوه من مؤسسي التنظيم على قتل من يفشي سر التنظيم، فالخائن يُقتل، ولا أدري من أين جاء بهذا الكلام؟ ثم ألا يخشى نتائج هذا الكذب حتى على سمعته ومهنته.

في هذه الحلقة يخطط البنا بنفسه لجمع السلاح في مشهد له مع أحد المزارعين، المشهد طبعًا من اختراع المؤلف؛ ليؤكد للمُشَاهد أن العنف عند الإخوان أصل وأساس، وإلا لما قام مؤسس الجماعة بنفسه بالترتيب لشراء السلاح، وتدريب أفراد الجماعة عليه.

الحلقة الحادية والعشرون

محاولات مستميتة من جانب المؤلف؛ لإقناع المشاهد بعملية فصل الدين عن الدولة، وإبعاد الدين عن أمور السياسة، "ما لنا ومال السياسة" جملة وردت في مشهد لأحد الإخوان أثناء عتابه للإمام الشهيد، بسبب خلطه الدين بالسياسة، المشهد طبعًا من اختراع وحيد، سنتحدث في الصفحات المقبلة عن علاقة الإسلام والإخوان بالسياسة، وهو لم ولن يحدث.

محاولات أخرى لإهالة التراب على البنا من جانب المؤلف؛ حيث يختلق مشهدًا يجمع البنا بمجموعة من زملائه المُدَرِّسِينَ يتعرض فيه لسخريتهم، فينسحب منكس الرأس خاسرًا؛ حيث لم يستطع الرد على أسئلتهم حول هتلر وجيوش المحور، لاحظ الكذب والتدليس.. البنا بعلمه الفياض وذيوع صيته في ذلك الوقت وزعامته لجماعة كانت تهابها الدنيا بأسرها لا يستطيع الرد على مجموعة من زملائه البسطاء، وهو الذي أوقف مدير التعليم الإعدادي متحيرًا أمام حججه ومنطقه، وهو ما زال طفلاً.

الحلقة الثانية والعشرون

موسيقى تصويرية مصاحبة للصلاة لا تتناسب مع جلال الفريضة استمرت لفترة طويلة، كان غرض المؤلف والمخرج طبعًا: تشريح المصلين، والتفتيش في نياتهم، وفضحهم أمام المشاهد، فهؤلاء الإخوان الذين يبدون خاشعين في الصلاة وراءهم ما وراءهم من المصائب والأحداث.

عودة إلى وصم الإخوان بالعنف، حسن البنا يقول للسندي في مشهد مكذوب ساعة تسليمه قيادة الجهاز السري بعد سفر محمود عبد الحليم: "من لا يدين لك تخلص منه في نفس الوقت، واحرص على ألا يكون شوكة في ظهرك".

مشاهد مكذوبة مكررة ومملة، مشهد البيعة على المصحف والمسدس؛ لتأكيد العنف، ومشهد تقبيل يد المرشد؛ لإظهار قداسته عند الإخوان، ومشهد حصول الإخوان على إعانات من الملك؛ لتأكيد عمالتهم الدائمة لآخرين، ومشهد يطالب بفصل الدين عن السياسة لتنحية الإسلام وقيام العلمانيين بالدور، أما المشهد الأخير فهو أهم المَشَاهد بالنسبة للمؤلف، فهو مكلف بتهيئة الأجواء للانتخابات المُقْبِلة بإبعاد الإخوان عنها بأي طريقة فيقول على لسان النحاس باشا: خليكوا في الدعوة خليكوا في الدعوة.

يكره وحيد- كما قلنا- كل ما هو إسلامي، وإن كانت جرعة الإخوان تفوق غيرهم، فهو يكره الخلافة، والنقاب، واللحية، والوهابيين إلخ، وفي هذه الحلقة يصب حامد جام غضبه على الحزب الوطني القديم ذي التوجه الإسلامي، فيؤكد على لسان النحاس باشا- أحمد راتب- أنه حزب رجعي منذ أول تأسيسه.

ولا يسلم البنا في الحلقة مثل باقي الحلقات من التقليل من شأنه، إذ يبدو في أحد لقاءاته بالنحاس باشا منزويًا صغيرًا، ويبدو الباشا في المقابل متعاليًا عليه يعامله معاملة الأسياد للعبيد.

الحلقة الثالثة والعشرون

أكاذيب فجة امتلأت بها هذه الحلقة، وأفكار غريبة يتحدث بها البنا وأعضاء الإخوان، لا يقولها إلا وحيد وإخوانه العلمانيون، ففي أحد المشاهد يؤكد البنا لوزير الداخلية فؤاد سراج الدين أن الإخوان يفصلون بين الدين والسياسة بقوله: "عُمْرِنَا ما فكرنا نشتغل بالسياسة".

وفي الحلقة أيضًا يؤكد المؤلف أن الإخوان حاولوا قتل أحمد ماهر، وهذا كلام كاذب.

وفي الحلقة كذلك عقب تزوير الانتخابات البرلمانية، وعدم نجاح البنا يقول عبد الرحمن السندي: ربنا فوق والبنا في الأرض، فكيف لا ينجح في الانتخابات.

أما الإلحاح على المشاهد لتقبل فكرة عنف الإخوان فلا يزال مستمرًا، فأحد المحاضرين من المنتمين للتنظيم الخاص يؤكد في حضور السندي أن الخارج عن الجماعة خارج عن جماعة المسلمين، وليس له بالتالي إلا السيف، الإخوان يقولون منذ نشأتهم إنهم جماعة من المسلمين وليسوا جماعة المسلمين، وهو ما سنتحدث عنه لاحقًا.

الحلقة الرابعة والعشرون

هذه الجماعة عبارة عن عصابة لها زعيم ومساعدون، أما الزعيم فهو البنا، وأما المساعد الرئيسي فهو عبد الرحمن السندي- مسئول التنظيم-، وببساطة شديدة وجرأة أشد على الكذب يبني المؤلف مشاهد الحلقة على هذه الفكرة التي لا تجدها سوى في خياله المريض، فالبنا يبدو في أشد حالات الفرح بعد سماعه اعتداء أحد شباب الحزب الوطني (محمود العيسوي) على أحمد ماهر، ويصف الشيوعيين بأنهم كفرة، وسوف نفرد لاحقًا مقالاً حول قضية الإخوان والتكفير، وأضاف إلى أنه شخص انتهازي يجيد المساومة؛ للحصول على مكاسب شخصية فيقول لإخوانه بعد تولي النقراشي الوزارة: "الإيد اللي متقدرش تقطعها تبوسها"، ويتحدث عن حرب الإنجليز باعتبارها موقفًا سياسيًّا وليست منطقًا جهاديًّا كما يظن البعض.

أما عبد الرحمن السندي فهو شخص لا يعرف إلا الدماء، منزوع الرحمة، لا يعرف شيئًا عن الأخلاق والقيم الإسلامية، فهو يبصق في وجه أحد أفراد التنظيم، ويغلق عليه الحجرة موعزًا لأحد مساعديه بالتصرف معه.

ولا تخلو الحلقة من تلك المشاهد المكررة المملة، ففاروق-أحمد الفيشاوي- يدعي أنه كان يعطي الإخوان دعمًا ماديًّا، وفاروق أيضًا يطعن في الخلافة، وحسن البنا يبدو كقط صغير أمام النقراشي وأمام يوسف رشاد.

الإخوان مصدر خطر للأقباط، هكذا يقول وحيد حامد على لسان النقراشي باشا؛ لمحاولتهم تطبيق الشريعة الإسلامية، (كأن الإخوان وحدهم هم الذين يطالبون بتطبيق الشريعة، هذا كلام لا يقوله إلا العلمانيون، أما الأقباط فكثير منهم لا يعارضون تطبيق الشريعة بما فيهم بابا الأقباط نفسه).

الحلقة الخامسة والعشرون

اقترب المؤلف من النهاية، فلا بد بالطبع من تسويد صفحة الإخوان، وإلصاق التهم بمؤسسهم، وإقناع المشاهد بأنهم قتلة سفاحون يستحلون دماء المسلمين، من أجل ذلك يختلق وحيد وقائع لم تحدث، وحوارات من صنع خياله أجراها على لسان أبطال مسلسله؛ لتتم الحبكة التي هي في الحقيقة فضيحة تاريخية بكل المقاييس.

يدعي وحيد أن البنا هو الذي أمر بقتل الخازندار بشكل غير مباشر؛ حيث قال أمام السندي: "لو حد يخلصنا منه، ربنا ينتقم منه" ففهم السندي أن هذا أمر له من المرشد بالقتل، وهذا كذب بالطبع، وقد تأثر البنا تأثرًا بالغًا لهذا الحادث، وحزن حزنًا شديدًا، وقال للسندي: "أي شيطان علمكم هذا الأمر؟ الذي لا هو في الشرع أو الدين أو المذهب ولا سمعنا به في أي نظام" واستطرد: "هذه الجريمة في عنق السندي، وسيُسأل عنها بين يدي الله".

يلحظ الشاهد أن المخرج قد أطال جدًّا في مشهد مقتل القاضي الخازندار لاستدرار عطفه على القتيل وأبنائه، وفي المقابل شحذ غضبه على القَاتِلَيْنِ اللذين ينتميان للإخوان، وعلى الجماعة كلها.. وقد مطَّ المخرج في استعراض منظر الدماء ليبقى هو المنظر العالق في ذهن المشاهد، ويغطي على ما يسمعه أو يراه من إيجابيات ومحاسن للإخوان.

أما حظ البنا في التشويه في هذه الحلقة، فيبدو في مشهد مدسوس دسه المؤلف على الإمام الشهيد وهو منه براء، إذ يدفع البنا- عندما علم بمقتل الخازندار- الموظف الذي أبلغه الخبر دفعة قوية لا يصدق كل من رآها- ممن عاصروا الإمام أو سمعوا به- أن تكون قد وقعت إلا من حسن البنا العلماني الذي اخترعه وحيد مؤخرًا.

نكتة المسلسل محمود عساف يقترح على البنا لمَّا رآه مهمومًا بسبب قضية الخازندار أن يشغل الرأي العام بالجهاد ضد الصهاينة، وهذا يمثل قمة الإسفاف، وسنتحدث في الصفحات المقبلة عن دور الإخوان في دعم القضية الفلسطينية وقضية الجهاد.

الحلقة السادسة والعشرون

في هذه الحلقة والحلقتين التاليتين، وهي الحلقات الثلاث الأخيرة يتم التركيز على تشويه الإمام المؤسس والطعن فيه بشتى الطرق.. فتبدو قضية فلسطين غير حاضرة في ذهنه، وإنما كل ما يهمُّه هو إرضاء الحكومات المحلية وإرضاء الملك، من أجل الإبقاء على جماعته وزعامته لها، ويبالغ المؤلف في كذبه، فيصور لنا مشهدًا يجمع البنا مع مرتضى المراغي مدير الأمن العام، أدعى فيه أن البنا قال له: إحنا ملناش دعوة بجلالة الملك بس يمنع حل الجماعة، يروح يلعب قمار يشرب خمر يسهر في علب الليل.

يُظهر المؤلف الشخصية الإخوانية مماطلة مكروهة مكشوفة الوجه.. فإبراهيم (ترزي العباسية) يمتنع عن إخلاء منزل مواطنة بسيطة رغم حاجتها الشديدة إليه كي تزوج فيه ابنتها إلا أنه لا يراعي الجوانب الإنسانية، ولا يعرف شيئًا عن أعمال البر والإحسان وتقديم العون للآخرين.

الحلقة السابعة والعشرون

تلخص هذه الحلقة هدف المسلسل كله في جملة مقتضبة قيلت في نهاية الحلقة على لسان إبراهيم عبد الهادي (رياض الخولي) قال: أنا عايز مصر من غير إخوان.. وهذا هو مطلب الصهاينة والأمريكان والحكومات الفاسدة العميلة والعلمانيين وأشباههم.. أما ما قيل قبلها في الحلقة فهو تهديد ووعيد مبطن للإخوان، بأنهم إذا استمروا في منافسة الحزب الحاكم فسوف يلقون مثل ما لاقاه حسن البنا من إهانة وذل على يد عبد الرحمن عمار، وقد رأى المشاهد كيف بكى البنا بطريقة عبيطة كمجرم صغير مستعطفًا المسئولين للإبقاء على جماعته بدون حل.

والحلقة تحاول أيضًا نسف ما تبقى في ذهن المشاهد من تصورات إيجابية حول تلك الأسطورة المسماة (حسن البنا) فهو: تناقض أفعاله أقواله، ويقدم التنازلات، ويتذلل للمسئولين، وينهار انهيارًا تامًّا؛ لأنه فقد أمرًا كان يحبه، هذا الأمر هو زعامة الإخوان المسلمين.

الحلقة الأخيرة

يبدو البنا في آخر مشهد- وهذا هو المطلوب زرعه في ذهن المشاهد قبل مغادرته المسلسل- مسكينًَا ضائعًا نادمًا على ما قام به من الاشتغال بالسياسة والعمل العام.

الكذبة قبل الأخيرة الجماعة شغالة في التجارة، وفيها ناس عايزين زعامة، وناس بتُصرف لهم رواتب، وناس.. هذه الكذبة ساقها المؤلف على لسان مصطفى مرعي باشا، ليشكك شباب الإخوان في قادتهم، وليوهم المشاهد العادي أن هذه الجماعة ليست جماعة دعوة ترعى الحق وأمور الدين، ولكنها طائفة أُسِّسَت من أجل المصالح والمكاسب الشخصية.
آخر وأغبى كذبة أدعى وحيد أن القنبلة التي
فجرها شفيق إبراهيم أنس في محكمة الاستئناف نتج منها أكثر من 25 قتلاً، والواقع يكذبه إذ لم يُصب فيها مواطن واحد.

(3)

ماذا يريد وحيد حامد؟

"أنا عايز مصر بدون إخوان" تلك المقولة وردت في الحلقة قُبيل الأخيرة من المسلسل على لسان إبراهيم عبد الهادي (رياض الخولي)، لتلخص ما يريده وحيد حامد، وما يريده مَن كلفوه بهذا العمل، وما يريده الصهاينة والأمريكان والقوى المناولة للإسلام والمسلمين في الداخل والخارج.

ومن أجل هذا قام وحيد بتزوير التاريخ، وإلصاق كل نقيصة بالإخوان ومؤسس جماعتهم، والانحياز ضدهم بشكل فجٍّ بتزييف الوقائع، وقلب الحقائق، وتلفيق الأحداث وتحريفها، وتجاهل الأحداث التاريخية أو حذفها إذا كانت تصب في صالح الإخوان.

لقد داس هذا المؤلف العلماني على كل الأعراف المهنية والأخلاقية ليتهم زورًا جماعة الإخوان بالمتاجرة بالدين، والتكسب من الدعوة، وطمس جهادهم، واتهامهم بالعنف وعمالتهم لجهات عديدة داخلية وخارجية، علاوة على تشويه رموزها وعلى رأسهم مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا.

وقد خالف وحيد القانون، وتجاهل أسرة الإمام كمصدر مهم قبل كتابة أحداث المسلسل، مخالفًا بذلك شروط الرقابة على المصنفات الفنية، فلقد طالب الأستاذ سيف الإسلام حسن البنا بالإطلاع على السيناريو؛ لضمان حياديته إلا أن المؤلف رفض ذلك رفضًا قاطعًا كدليل على تردده وخوفه، وادعى أنه لا يعرض أعماله الفنية على أحد، في حين أرسل حلقات إلى وزير الإعلام ليقرأها، راجع حواره مع "المصري اليوم": 7/8/2010م.

إذًا عَرَضَ سيناريو المسلسل على وزير الإعلام وعدم عرضه على ورثه البنا يعني ببساطة أن النية كانت مبيتةً لإنتاج مسلسل علماني حكومي مشترك؛ لتشويه الإخوان، وسحب البساط من تحت أرجلهم قُبيل الانتخابات التشريعية، التي سوف تُعقد في نوفمبر المقبل، والتي تمثل رعبًا للنظام الذي فشل في كلِّ شيء، وباتت تسد أذنيه هتافات الوقفات الاحتجاجية، مظاهرات الفقراء، ممن لا يجدون قوت يومهم.

لقد اشترى التليفزيون المصري المسلسل قبل الانتهاء من تصويره بمبلغ 22 مليون جنيه، دفعها وزير الإعلام من أموال دافعي الضرائب، واعترف وحيد في حوار له مع مجلة "روز اليوسف" يوم 28/8/2010م، أن كامل أبو علي صاحب الشركة المنتجة قد تقدَّم للوزير بعد فشل المسلسل وعجزه في تسويقه بمذكرة لزيادة المبلغ.

وللعجب فإن تصريح الرقابة على المسلسل قد جاء خاليًا من أي ملاحظات، بالرغم من كونه يمثِّل أجرأ عملية سطو وتزوير لتاريخ مصر، وأكثر الأعمال الفنية تشويهًا لزعيم هو في الحقيقة أكبر وأشهر زعماء مصر التاريخيين.

المسلسل بين نقد الإخوان ونقد الحزب الحاكم

وقد يقول قائل: إن المؤلف قد انتقد الحزب الحاكم كما انتقد الإخوان، فكيف إذًا يقال إن الحزب هو الذي تكفَّل بإنتاج المسلسل؟ وما الفائدة التي سوف تعود عليه من إنتاج مسلسل يتعرض لسلبياته قُبيل الانتخابات البرلمانية؟.

وأترك الإجابة عن هذا السؤال للأستاذ طارق الشناوي: صدق وحيد الذي يقول في مقاله المنشور بجريدة "الدستور" بتاريخ 25 أغسطس 2010م، يلعب وحيد حامد دراميًّا عند انتقاده للدولة في تلك المساحة التي نراها مسموحًا بها في برامج "مصر النهاردة" "البيت بيتك" سابقًا، إنه هامش متفق عليه، مقنن بمعايير يضعها ويقودها وزير الإعلام، ويبدو الأمر وكأنه اتفاق بين الأطراف جميعًا على أن الهدف هو ضرب المحظورة.

ولا غضاضة في نظري أن يلطخ الحزب الحاكم في سبيل توصيل رسالة ناجحة تشوه الإخوان وتعطل حركتهم، وتجعلهم ينشغلون لسنوات في تحسين صورتهم والرد على التهم والشبهات التي أثارها المسلسل.

ثم منذ متى وهذا الحزب يخشى النقد أو يعمل حسابًا لتاريخ أو سمعة، بل يؤكد أن قيام المؤلف يعرض مظاهر فساد الحزب الحاكم مقصودة في ذاتها كرسالة تحذيرية للمشاهد تؤكد أن البديل لهذا الفساد هو الإخوان، والمتابع للمسلسل يتأكد من هذا الرأي من خلال مَشَاهد نطق أبطالها بهذا الأمر صراحة، فضابط أمن الدولة في حواره مع بهجت السواح (خيرت الشاطر) يقول له: "عملي مع نظام فاسد أفضل من عملي مع جماعة فاشية"، ويقول المستشار كساب (عزت العلايلي) في مشهد آخر: "الحكومات تصنع آلام الناس والإخوان يتاجروا بيها"، ومعلوم أن الذي يتاجر بالآلام أشد في الذنب والإثم من صانعه.

عمل سياسي لإرضاء دوائر داخلية وخارجية

لقد حاول وحيد الإفلات بجريمته لكنه فشل، ولم تنفعه الحكومة التي أطلقت يده في كل شيء، ودعمته بكل ما تستطيع، وهو من فرط غروره لم يلتفت لنصائح الناصحين، واعتمد على مهارته الفنية والدرامية والإمكانيات المادية الكبيرة (المسلسل تكلف 50 مليون جنيه)، لكن كل ذلك لم ينفعه، ويأتي المسلسل بما لا يشتهي المتفرج، فلا المراجع نجحت في الوصول إلى الدقة التاريخية المطلوبة، ولا موهبة المؤلف أفلحت في تشويق العمل، ولا الشيخ الأزهري أو فريق المتخصصين في اللغة بصرفها ونحوها نجحوا في مراجعة الفكر أو اللغة التي أجراها المؤلف على لسان البنا وشيوخ المسلسل، وكأن المشاهد هو آخر من اهتم به المؤلف، إذ يبدو وضع هذا المسلسل لا من أجل المشاهد الحقيقي، ولكن من أجل دوائر أخرى خارجية أو داخلية يريد أن تصل إليها تلك المعاني والأفكار التي حشدها في مسلسله (ثروت الخرباوي "المصور": 1/9/2010م).

لا مجال بالتالي في هذا المسلسل للفن الخالص أو الدراما المجردة كما يدعي وحيد، فهو عمل سياسي في المقام الأول، لا يجد من يدافع عنه سوى بعض الأقلام الحكومية أعضاء لجنة السياسات، وطائفة أخرى من أصدقاء وحيد العلمانيين.

يقول طارق الشناوي (الدستور: 11/9/2010م) مسلسل الجماعة هو مسلسل الدولة.. هذه هي الحقيقة، إنه سلاحها في مواجهة ما دأبت أن تصفه بالمحظورة، ومن حقِّ وحيد حامد أن تتوافق آراؤه مع الدولة، فهو يعبِّر عن قناعاته التي هي أيضًا قناعات الدولة.. ولكن هذا لا ينفي أن هناك حماسًا عارمًا من النظام لاحتضان المسلسل.

ويقول سليمان جودة (المصري اليوم: 17/8/2010م) أنس الفقي دفع 21 مليون في مسلسل الجماعة؛ لعرضه على القناة الأولى، فليس هناك شك في أن الهدف من وراء عرض عمل من هذا النوع إنما هو هدف سياسي بالدرجة الأولى، ولا مجال هنا للفن الخالص أو الدراما المجردة.

وتقول الكاتبة الصحفية حنان كمال (جريدة "الشروق": 14/8/2010م) نقلاً عن (الألمانية): وحيد حامد قدَّم صورة سلبية عن الإخوان لا فرق بين إنتاج المسلسل عن طريق أمن الدولة وتليفزيون الدولة، إن انحياز الكاتب ضد الإخوان في الحلقات الأولى فجٌّ، وربما يخلق تعاطفًا مع الإخوان، خاصة أنه يقدِّم ضابط أمن الدولة بصيغة إيجابية نعلم أنها مزيفة.

وتقول وكالة "رويترز" 20/8/2010م، تحت عنوان: مسلسل الجماعة مليء بالأكاذيب.. فما زالت الجماعة تتمتع بشعبية كبيرة بين الفقراء والمعدمين، وأضافت "أن الحكومة لن تسمح أبدًا بظهور مسلسل يتعلق بالجماعة إلا إذا كان سيصب في صالح النظام على حساب الإخوان.

لقد أدى التعاون المشبوه بين وحيد والسلطة إلى تغييب أصول وقواعد العمل الفني، والإطاحة بأخلاقيات الكتابة التاريخية بالعبث في نيات الشخصيات التاريخية، والمبالغة والإسراف في نقدهم، والتحيز ضدهم والابتذال وعدم المنطقية.

يقول الدكتور جمال شقرا أستاذ التاريخ الحديث (المصري اليوم: 24/8/2010م) تحت عنوان: تعددت الأخطاء والتاريخ واحد: هناك تفاصيل تاريخية لم يوثقها المؤلف.. المؤلف بنى موضوعه بناءً سياسيًّا، ووضع حسابات وتوازنات، ولم يبنه بناءً تاريخيًّا.

مسلسل فاشل.. فنيًّا وتسويقيًّا

لم ينجح وحيد حامد في تحقيق هدفه من المسلسل، ولم ينجح بالتالي من كلفوه بهذا العمل في تحقيق أغراضهم، بل لا نبالغ إذا قلنا: إن السحر قد انقلب على الساحر، الأمر الذي جعل وحيد يفقد أعصابه فيسب الإخوان، ويصفهم بأبشع الصفات، ويصب اللعنات على الجميع، على من تخلوا عنه تارة لا أدري من هم، وعلى الصحفيين تارة أخرى- فقطع جريدة الدستور؛ لأنها نشرت استطلاعًا للرأي يؤكد أن المسلسل لا يحظى بنسبة مشاهدة، وليس له ترتيب ضمن المسلسلات الناجحة- وعلى الإخوان تارات عديدة.

ففي حوار له بروز اليوسف 28/8/2010م يقول وأنا أريد (دكر) من جماعات الإخوان يقول أنا تم تعذيبي في أمن الدولة.. ويضيف وأنا لم أكن أعرف أن نسبة كبيرة من الإخوان ضلالية ولا يقولون الحق.

وفي موضع آخر يسأله المحرر: يقال أيضًا إن المسلسل أعطى شرعية للجماعة، وجعل الحديث عنها علنيًّا بعد أن كانت محظورة، ردَّ بقوله: "ردي على هذا الكلام لفظ قبيح لا أستطيع ذكره هنا، ولكن يمكن أن أصف هذا الكلام بأنه كلام قوادين".

وفي موضع ثالث يقول: وأنا كنت متوقعًا منذ البداية أن يكون هناك الرأي والرأي الآخر، لكن لم أجد من الإخوان غير السفالات.

وفي حواره مع جريدة الشروق 12/9/2010م يقول: "الإخوان فضلوا أن يلعبوا دور الغجرية، وأريد أن أقول للإخوان اختشوا أفضل لكم".

وأخيرًا قدَّم بلاغًا لنيابة شمال الجيزة يتهم سيف الإسلام البنا بسبِّه وقذفه؛ حيث ادعى أن سيف صرَّح بأن وحيد حامد كافرٌ، ولا يحترم الدين الإسلامي، ولا حتى الديانة المسيحية، وهو ما أنكره سيف الإسلام جملةً وتفصيلاً.

ورغم محاولات الحكومة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه بإصدار الأوامر لكتائبها الإعلامية بمساندة وحيد بمدح المسلسل وكاتبه، والطعن في الإخوان، وتشويهم في المقابل، وبإرغام المعلنين على حشد إعلاناتهم في فترت عرض المسلسل، إلا أنه ظلَّ خارج قائمة اهتمام المشاهدين للأخطاء الفنية التي حظى بنسبة كبيرة منها، وللانحياز الأعمى لكاتب المسلسل ضد الإخوان.

في استطلاع رأي لشركة (tns) المتخصصة الدستور 23/8/2010م تحت عنوان: مسلسل الجماعة خارج قائمة اهتمام المشاهدين، جاء في الخبر أن تلك الشركة المتخصصة في قياس واستطلاعات المشاهدة للقنوات التليفزيونية أجرت دراسةً حول أعلى القنوات مشاهدة أرضيًّا وفضائيًّا، وحول أعلى المسلسلات مشاهدة.

وقد خرج مسلسل الجماعة من قائمة أعلى 15 مسلسلاً من حيث نسبة المشاهدة، وأضافت الصحفية دعاء سلطان الغريب أن مسلسل الجماعة لم يظهر في أي من محاور الاستطلاع"، وهو المسلسل الذي راهن التليفزيون المصري عليه في اجتذاب أعلى نسبة مشاهدة.

وفي دراسة لأحد المعاهد الفرنسية نشرتها الدستور في اليوم نفسه 23/8/2010م اختفى أيضًا مسلسل الجماعة من قائمة الأعمال الأكثر مشاهدةً.

انتقادات فنية عديدة

وقد تعرض المسلسل للعديد من الانتقادات الفنية، ووصف بالفشل في مرات كثيرة، وأنه صب في النهاية في صالح الإخوان المسلمين حسب تقرير (الأسوشيتد برس) الذي نشرته (الأهرام) في 4/9/2010م وجاء فيه: يرى البعض أن المسلسل أفضل من قراءة 20 كتابًا عن جماعة الإخوان المسلمين، وقد نقلت الوكالة عن أشرف الشريف أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية قوله: إن المسلسل له تأثير عكسي، مضيفًا أن ما فعله المسلسل هو تحويل ديناصور إلى ظاهرة سياسية حياتية، مستطردًا: الجماعة لم تعد محظورة كما تصر الحكومة، ولكنها الآن دخلت كل بيت ومقهى وشارع في مصر.

بدا المسلسل مرتبكًا غير مترابط، فالأحداث التاريخية يتم الخروج منها بطريقة مبتورة؛ لتكال للإخوان وصلة من الشتم والطعن، أما التشويق كما يقول الأستاذ ثروت الخرباوي (المصور: 1/9/2010م): فإنني أكاد أقسم أن (قفلة) كل حلقة لا تشجع على متابعة الحلقة التالية، فكل حلقة تصلح بذاتها لكي تكون وحدة واحدة تنفصل عن باقي المسلسل بحيث لو أخطأ المخرج يومًا ووضع حلقة مكان حلقة فإنه لن ينتبه أحد لهذا الخلط، فالبناء الدرامي مضطرب ومرتبك والأحداث لا رابط بينها.

وهذا المعنى يؤكده الأستاذ خالد كساب (الدستور: 23/8/2010م) حيث يقول: بداية المسلسل متعثرة دراميًّا يتحدث فيها الأبطال مع بعضهم البعض، وكأنهم يتحدثون في أحد البرامج الحوارية بطريقة أقرب إلى قراءة مقال صحفي.. ويظل الملمح الرئيسي للمسلسل هو توتر الدراما ومباشرتها لدرجة السذاجة في المشاهد التي يفترض أنها تحدث في زمننا الحالي.

انحياز أعمى

إن الانحياز الأعمى من المؤلف ضد الإخوان أفسد المسلسل كما ذكرت فنيًّا وتسويقيًّا لدرجة أن جميع القنوات الفضائية لم تقبل شراءه، باستثناء قنوات التليفزيون التي كانت تعرض الحلقة الواحدة حوالي عشر مرات في اليوم الواحد، وقناة (القاهرة والناس) التي ندم صاحبها هذه الصفقة الخاسرة، ففي حوار له (روز اليوسف: 21/8/2010م) اعترف بأنه اشترى المسلسل لعرضه في قناته بـ3.5 مليون دولار، وشكا من قلة الإعلانات، ومن امتناع القنوات الخاصة عن شراء المسلسل الذي تتولى قناته تسويقه، ولما سألته المحررة عن السبب قال لها بمرارة: اسألي أنت أصحاب هذه القنوات.

يقول الدكتور رفعت السعيد، مؤكدًا فشل المسلسل، ومشفقًا على صديقه ورفيق دربه وحيد (روز اليوسف: 28/8/2010م): " قدرة وحيد حامد على التأليف الدرامي الممتاز، وتمتعه بحس وطني تقدمي ليبرالي، إلا أن ذلك لم يمنع من تعرضه لأكثر من مأزق، مثل عرض المسلسل في شهر رمضان، الذي يتميز فيه المصريون بانتشار الروحانيات والوازع الديني؛ ما يجعلهم يتعاطفون مع (مجاذيب السيدة)، ويتعاملون معهم على أساس من الاحترام العميق وهو شيء إيجابي بالنسبة للإخوان في هذا المسلسل الذي يصورهم بأنهم متدينون".

وفي موضع آخر يقول: "أما المأزق الثالث، فهو أنه يأتي في إطار المعركة الانتخابية المقبلة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خدمة الجماعة؛ لأنه يركز على المقولات الدينية لديهم، والتي تؤثر في العامة، وفي المقابل بعض الإيحاءات والإيماءات البسيطة لانتقاد الجماعة، والتي لن يفهمها سوى النخبة والمثقفين".

مسلسل أمن الدولة

لقد كثر اللغط حول المسلسل، واتهم مؤلفه صراحةً بأنه يتلقى تعليماته اليومية من أمن الدولة، وأن ضباطًا يحضرون التصوير "راجع مقال نوارة نجم" (الدستور: 27/8/2010)، وقد أكد البعض أن التأخير في إذاعة الحلقة 22 عن موعدها كان بسبب اعتراض جهاز أمن الدولة على بعض المشاهد، وليس كما ادعى وحيد بأن انقطاع الكهرباء وعدم الانتهاء من المونتاج هو السبب.

وهناك تأكيدات أخرى بأن التليفزيون اكتفى بعرض 28 حلقة من المسلسل، بعدما طالبت جهات أمنية بذلك، بعد تعاطف أغلبية المشاهدين مع الإمام المؤسس، الذي لو عرضت مشاهد قتله وجنازته لسببت حرجًا بالغًا للجميع، ولكسبت الجماعة تعاطفًا أكثر مما حصلت عليه.

ولعل الشعور العام بعدم حيادية المؤلف وبإظهار ضباط أمن الدولة بمظهر الملائكة في الحلقات الأولى من المسلسل هي التي صرفت المشاهد العادي عن متابعته وتكوين رأي مفاده أن هذا العمل تافه، وما يعرض فيه كذب وافتراء.. أما المثقفون والنخبة فلا يختلفون في أن سقوط المسلسل يكمن في افتقاده المصداقية، وتزويره التاريخ، وتجنيه المبالغ فيه على الإخوان، وفي سطحيته، واستهانة المؤلف بعقول المشاهدين.

يقول د. عمرو الشوبكي (المصري اليوم: 19/8/2010م): المسلسل انحاز بشكل كامل وأعمى لجهاز أمن الدولة ووزارة الداخلية، بصورة تشعرك أن التحقيقات التي تجري مع عناصر الإخوان تجريها أجهزة الأمن في سويسرا أو السويد وليس حتى في فرنسا أو أمريكا، وأنه لو قررت وزارة الداخلية أن تقوم بعمل مسلسل للإشادة برجالها لما قدمتهم بنفس الصورة التي قدَّمها مسلسل الجماعة الذي قضى على مصداقيته.

ويقول الشوبكي أيضًا (المصري اليوم: 26/8/2010م): الحقيقة وبعد 12 حلقة من مسلسل الجماعة فإننا بالتأكيد أمام عمل فني له رؤيته السياسية المنحازة في بعض الجوانب، وأمام سرد لبعض الوقائع غير الصحيحة.

ويقول الدكتور حسن نافعة (المصري اليوم: 8/9/2010م) وحين يَقْبَل كاتب أن يقوم آخرون بتوظيف أفكاره؛ لتحقيق أهداف قد لا تتفق بالضرورة مع أهدافه الأصلية، يصبح جزءًا من صراع أكبر منه، وعليه أن يقبل بنتائجه.

ليس لدي تفسير للأسباب التي دفعت وحيد حامد لكتابة مسلسل عن جماعة سياسية متجذرة في مصر عمرها أكثر من 80 عامًا، ولأن تاريخها أكبر من أن يحيط به مسلسل، فمن الطبيعي أن يكون انتقائيًّا، وأن يركز على أحداث أو فترات بعينها، قد لا تكون هي الأهم موضوعيًّا، خصوصًا حين يكتب بروح عدائية واضحة، ويعكس موقفًا سلبيًّا مسبقًا.

وربما كان أخطر ما فيه أنه قدَّم الجماعة للمشاهد وكأنها فصيل حركي يقوم على تكفير الحاكم ومقاومته بالعنف، وبالتالي لا تختلف كثيرًا عن تنظيمات "الجهاد" أو "الجماعة الإسلامية" أو "القاعدة"، كما قدَّم حسن البنا كشخصية سيكوباتية لا علاقة لها بسمات شخصيته الحقيقية، بينما قدَّم العاملين في أجهزة الأمن وكأنهم ملائكة الرحمة، وتلك أخطاء فادحة أدت إلى نتائج معاكسة تمامًا لما كان يستهدفه المسلسل، أو تستهدفه الدولة من الترويج له، بدليل تضاعف مبيعات كتب الإخوان، خاصة رسائل حسن البنا، والتي يقال إنها حققت أرقامًا قياسية بعد المسلسل.

أما د. وحيد عبد المجيد (المصري اليوم: 4/9/2010م) فيقول: لو أن صانعي مسلسل الجماعة وعلى رأسهم الأستاذ وحيد حامد تابعوا ردود الفعل التي أثارها على الإنترنت لهالهم التعاطف مع مؤسس الإخوان المسلمين حسن البنا في كثير من الأوساط، ولكن ما سيدهشهم هو أن بنات لسن من تنظيم الأخوات ولا من قريبات قادة أو أعضاء في جماعة الإخوان أعجبن به.

أما رسالة المسلسل التي تحاول إبراز الجانب المظلم والعنيف في مواقف البنا وممارساته، فهي لا تصل إلا إلى القليل من متابعي الحلقات؛ لأنها أكثر تعقيدًا من أن يدرك البسطاء والبسيطات مغزاها.

(4)

سقوط درامي ذريع

كثيرون من النقاد والمتخصصين ممن لهم رؤية نقدية وباع في شأن الدراما؛ أجمعوا على سقوط المسلسل في هذه الناحية، ونكتفي هنا بنشر جزء من مقال كتبه الأستاذ هشام حمادة ونشره موقع (إخوان أون لاين) يقول:

العديد من الأخطاء المنطقية والواقعية والتاريخية في المسلسل يقود المسلسل نحو فشل درامي ذريع، تمثَّل مبدئيًّا في انصراف المشاهدين عنه لعدم مصداقيته ولدعائيته المفرطة، وبالإضافة إلى ذلك فإن المسلسل كعمل أدبي فني إبداعي قد سقط سقوطًا ذريعًا، فلا توجد حبكة ولا خيوط متشابكة، ولا نمو للشخصيات، ولا كشف تنويري، ولا معالجة درامية من خلال الأحداث، بل لغة خطابية دعائية تدوي فيها أيديولوجية المؤلف، مع تسطيح شديد ومباشرة بارزة في معالجة القضايا.

والحقيقة أن وحيد حامد قد جافى كل أسس الكتابة الأدبية التي ارتقى لها الفكر الإنساني، وارتد إلى مسرح الأقنعة اليوناني؛ حيث الشرير يرتدي قناع الشر، ويمد يديه كمخالب وحش ضارٍّ تجاه خصومه، بينما الخير يرتدي قناع الخير طوال الوقت، ويمشي بخطى هادئة بريئة، هنا كانت مثالية رجال أمن الدولة وملائكيتهم، مقابل توتر وجه الشيخ البنا، وعصبية يديه وحركاتهما الممثلة للاستحواذ والهيمنة، مقابل فظاظة ووحشية شخصية المرشد المعاصر، وغلظة صوته وفظاظة لغته.

ومع أن جميع نظريات الأدب الحديثة، إما تخفض حضور المؤلف في عمله إلى الحد الأدنى، أو تسمح له بالوجود الرمزي في إحدى الشخصيات، وإما في الأغلب تذهب مذهب "بارت" في النقد الأدبي الذي ينادي بموت المؤلف، وأن العمل الأدبي هو استيعاب المؤلف لما حوله من بيئة وثقافة وتاريخ وأشخاص ومشاعر عامة وخاصة، ثم يزداد نقله كما هو عبر شخصياته.

لكن وحيد حامد يضرب كل نظريات الأدب في مقتل في مسلسل الجماعة، فوحيد حامد بأيديولوجيته ومشاعره واتجاهاته وآرائه حاضر بقوة ووضوح منذ الجملة الأولى في العمل، وليس ذلك في شخصية واحدة أو اثنتين بل في كلِّ شخصيات العمل، فكلها تهاجم بطل العمل وتنتقده، وتكشف عيوبه وتفضح أمراضه وأسراره وخفاياه في شكل لا يمكن أن نصفه بأنه فني أو أدبي؛ حتى بطل العمل يعمل ضد شخصيته بإشاراته وإيحاءاته والعديد من كلماته وتعليقاته، وبملامح وجهة التي تفضح خفايا مريبة أو توتر نفسي أو خوف أو فزع، وبخاصة عندما يواجهه الآخرون باتهاماتهم أو شكوكهم.

دعائية فجة وخطاب عدائي مباشر:

لا توجد شخصية محايدة داخل العمل تتعاطف معه؛ ولكن لا بد أن تقذفه بحجر، حتى أتباعه ممن حوله يظهرهم العمل، وكأن المعترضين منهم سواء تكلموا أو صمتوا أو الخارجين عليه؛ هم أكثر وأبرز من غيرهم.

فشيخه في الكتاب يصفه بالغرور والقسوة والغلظة تارةً، ويصفه بالرغبة في الزعامة تارةً أخرى، وشيخ المسجد الصغير يصفه بقلة التهذيب وضعف الأدب، ووالد أحد أصدقائه يصفه بالتشدد والعنف، وعند الشيخ الدجوي يصفه الشيوخ هناك بالتهور والاندفاع، وأنه مريض بالهوس بل يُتهم أيضًا بالطفيلية، ووكيل النيابة شكَّك في مصداقيته، والمستشار المتقاعد يتهم جماعته بالانتهازية والمتاجرة في آلام الناس، وتهمة الانتهازية تصبح قاسمًا مشتركًا مع أكثر من شخصية تصف شباب الجماعة، ثم ترميه أحداث المسلسل بالنفعية والتعامل مع الشيطان، فهو صنيعة بريطانيا، ولسان حال المذهب الوهابي السعودي ورجله في مصر، ثم هو مع ماهر والملك؛ ليضرب الوفد، فالنحاس يتهمه بالرغبة في تحطيم الجميع، طبعًا لصالح نفسه.

وهكذا فإن هذا العمل الدرامي بهذا الشكل يتحوَّل إلى دعائية فجة، وخطاب عدائي مباشر، يُنفى عنه صفة الفن أو الأدب أو الدراما، حسب كلِّ القواعد المعمول بها، فالمؤلف يطل برأسه من وجه كل شخصية في العمل، وكل الشخصيات تتكلم بلسانه حتى شخصية الشيخ البنا نفسه.

نسق أيديولوجي خاص:

يقول الدكتور صلاح فضل "أستاذ الأدب": النص الأدبي لا يأخذ مصداقيته من محاكاته الدقيقة للواقع, كما لا يأخذها من نسق فكري سابق عليه؛ إنه يأخذها من انسجامه مع نفسه وتناميه وفق قوانينه التي تشكل بها"، ووحيد حامد هنا لم ينقل واقعًا تاريخيًّا بضبط شديد، وهذا جيد لكنه فعل الأسوأ، لقد بنى عملاً أدبيًّا (سيناريو) وفنيًّا (مسلسل) على أساس نسق فكري أيديولوجي سابق خاص به، ولم يسمح لعمله أن يتنامى أو أن يتشكل في شكل متناسق ومنطقي بل حوَّل المسلسل إلى خطاب عدائي تجاه شخص البنا وجماعته، مع علم وحيد حامد بما يذهب إليه نقاد الأدب، ومنهم "لانسون" الذي قال: "ثلاثة أرباع المبدع مكون من غير ذاته".

ومع علمه بأن النظرية البنيوية التكوينية الحديثة والمعمول بها في مجال الأدب كذروة الإنتاج العقلي البشري في مجال النقد الأدبي، تقول: "إن الفئات الاجتماعية هي المبدعة الحقيقية للإبداع الثقافي؛ بحيث يعني العمل الأدبي تعبيرًا عن (رؤية العالم)، عن نمط من الرؤية والإحساس بعالم ملموس من الكائنات والأشياء، هذه الرؤية ليست واقعة فردية بل واقعة اجتماعية تنتمي إلى مجموعة أولى، فلا بدّ بالضرورة من إدراك أن الوعي بالوقائع المتضمنة في العمل الأدبي إنما هو وعي مجموعة أو طبقة، أي هو وعي طبقي، إن الأدب ينتج عن الوعي الجماعي الذي تعبر عنه رؤية العالم، ما دام هو الذي يشكل هذه الرؤية".

ومعنى هذا الكلام السابق ببساطة أن الكاتب يعبِّر عن ضمير مجتمعه (عالمه) ومشاعره وآرائه، ولا يعبِّر عن رأي شخصي فردي له، فهو يعبِّر عن وعي جمعي ورؤية جمعية، فعن أي جموع أو عن أي طبقة أو مجتمع عبَّر وحيد حامد؟ بل إن وحيد حامد راهن (في تصريح أدبي غير مسبوق) بأن رأي الكثيرين سيتغير في جماعة الإخوان بعد رؤية المسلسل!! أي أنه قفز على الرأي العام والوعي الجمعي، واستعلى عليه، وتجاسر في كبريائه عندما رأى في نفسه القدرة على تغييره.. يا عم وحيد!! منذ متى يغيِّر مسلسل أو فيلم أو رواية واحدة الرأي العام ما لم تأتِ في تيار من الأحداث والمشاعر والأفكار.

إن القصص الواقعية للمحاكمات العسكرية بما فيها من أدوار للإعلام والصحافة، وبما فيها من واقعية القضاء والادعاء والأحكام والصور والقصص؛ لم تغير الرأي العام نحو جماعة الإخوان المسلمين، فكيف تَخَيَّل وحيد أنه سيغيره بمسلسل إيهامي دعائي مثل هذا، لم يكن وحيد كاتبًا محترفًا أو دراميًّا واعيًا عندما ظن ذلك.

يقول الناقد "جولدمان" في تفسير رؤية الأديب للعالم من حوله كما يراها مجتمعه: "وهذه الرؤية لا تخلقها الجماعة، ولكن تخلقها العناصر المشكلة لهذه الجماعة "المجتمع" التي ترعرعت في ظلها، والجماعة وحدها هي القادرة على تطوير هذه العناصر جنبًا إلى جنب مع الطاقة الضرورية اللازمة لجمع عناصر هذه الجماعة في إطار كلي واحد"، هنا يقصد "جولدمان" أن العمل الأدبي هو الإطار الذي يضم وعي المجتمع ككل، ثم يضيف بعد ذلك: "إن الدلالة الموضوعية للعمل الأدبي لا تتطابق دائمًا مع قصد المؤلف والمعنى الذاتي.. وليس للفنان أو الكاتب فيها إلا أنه سما بها، وذهب في تمثيلها أكثر مما يستطيعه الآخرون"، مرة أخرى، عن ضمير أي مجتمع، وعن أي رؤى له حول شخصية حسن البنا أو الجماعة التي أسسها؛ كَتَب وحيد حامد؟!.

إن المؤلف والذين دفعوه أو دعموه أو شجعوه قد ظنوا في أنفسهم قدرة على أن يغيِّروا الرأي العام والضمير الجمعي لمجتمع بأسره؛ فيبدلون مجتمعًا بمجتمع أو شعبًا بشعب من خلال قصة مشوهة، ودراما غير محبوكة، وذلك بإرغام أنف علم الاجتماع وعلمائه، وبليِّ ذراع الأدب ونظرياته ونقاده، حقيقة أنا مشفق على مصر أن يكون فكر إدارتها هو من يقف وراء هذا المسلسل.

أول القصيدة.. كذب

في الحلقات الثلاث الأولى من المسلسل يتهم المؤلف جماعة الإخوان وقادتها بانتهاج العنف والإيحاء بأن لديهم تنظيمًا سريًّا مسلحًا، من خلال عرض ما حدث في نهاية عام 2006م في جامعة الأزهر، وما أعقبه من شروع النظام في تلفيق قضية عسكرية للإخوان، هي السابعة خلال عشر سنوات، وقد صدرت فيها أحكام قاسية على عدد كبير من قيادات الجماعة.

على غير الحقيقة صوَّر وحيد العرض العسكري التمثيلي الذي يقيمه طلاب الإخوان بالأزهر كل عام، على أنه تحرُّك فعلي من جانب هؤلاء الطلاب لاستخدام القوة في مواجهة خصومهم من الطلاب، وفي مواجهة المسئولين بالجامعة.. وخلط وحيد الأوراق فعمد إلى إظهار ما وقع في جامعة الأزهر في ديسمبر 2006م، وما وقع في جامعة عين شمس يوم 24/10/2007م على أنهما حدث واحد.. والمشاهد كلها لا تقول إلا الكذب، ولا تنطق بغير البهتان، والصحف الصادرة وقتها تشهد على ذلك.

فما حقيقة ما حدث في جامعة الأزهر؟..

على إثر تصعيد الأحداث ضد طلاب الإخوان بجامعة الأزهر، وقيام الإدارة وسلطات الأمن بتزوير الانتخابات، والاحتجاج على فصل 8 من مؤسسي (اتحاد الطلاب الحر) يوم 10/12/2006م؛ ظهر عدد من هؤلاء الطلاب، وهم ملثمون يرتدون زيًّا أسود، مشابهًا لزي الميليشيات المسلحة، وعليهم أقنعة كُتبت عليها عبارة "صامدون"، وقد قدَّموا عرضًا تمثيليًّا يحاكي الأعمال القتالية لحركة حماس.

وكأن وسائل الإعلام كانت على علم بما سوف يحدث، فتم نقل هذا العرض بالصوت والصورة، وشاهدته الجماهير المصرية في طول البلاد وعرضها، وظلت صحيفة يومية مستقلة تشحن القراء بشكل مريب ضد من قاموا بهذا العمل، وأخذت تُجري الحوارات، وتقدِّم التحقيقات وخلاصة ما أرادت قوله: "إن لجماعة الإخوان تاريخًا في العنف، وأن ما جرى يؤكد وجود تنظيم سري مسلم ترعاه الجماعة؛ وهذا مما لا تخفى خطورته على الجميع".

ولم يمضِ يومان حتى اعتقلت قوات الأمن أكثر من 200 من طلاب الإخوان، كما قامت باعتقال نائب المرشد وعشرات من قيادات الإخوان، تمَّ تحويلهم فيما بعد إلى المحكمة العسكرية بتهمة غسيل الأموال وتهم أخرى، عادة يتم اتهام أعضاء الإخوان بها.

وقد اعتذر الطلاب أنفسهم، معترفين بأن ما فعلوه خطأً، لم يكن يصح فعله، ونفى المرشد العام محمد مهدي عاكف صدور أية تعليمات لهؤلاء الطلبة؛ للقيام بهذا العرض، ونفى وجود ميليشيات بالجماعة، وأكد رفضه ورفض جماعته اللجوء للعنف والقوة في حل المشكلات كما رفض ما جرى أيضًا: النائب الأول للمرشد د. محمد حبيب، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح عضو مكتب الإرشاد، وبقية أعضاء المكتب، معتبرين أن ما حدث جاء في سياق أحداث توالت في الجامعات المصرية، وهو عمل فردي غالبًا ما يحدث في النوادي الرياضية ومراكز الشباب.

وقد شنَّ العلمانيون وكُتَّاب الحكومة حملات تشويه ضد الجماعة، واتهموها بأبشع التهم؛ لكن سرعان ما خفتت الأصوات، وسكت الجميع عن الكلام، وأدرك العالمون ببواطن الأمور أن ما حدث كان مفتعلاً ليقضي النظام أمرًا آخر له من قبل.

بيان للناس من جماعة الإخوان المسلمين:

وقد أصدر الإخوان وقتها بيانًا، ذكَّروا فيه الأمة بتاريخ الإخوان الناصع وبصبرهم الجميل، رغم ما يُحاك لهم بالليل والنهار.

وهذا نص البيان:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا﴾ (النساء).

تتعرض جماعتنا لحملةٍ شعواء، تستهدف تشويه صورتها وتخويف الناس منها، والتحريض عليها، شاركت فيها أجهزةٌ إعلاميةٌ وأمنيةٌ ورسمية، على أثر استعراض بعض طلاب جامعة الأزهر لرياضات "الكاراتيه" و"الكونغ فو" داخل الجامعة؛ وهو ما استنكرناه ورفضناه قبل أن يستنكره الناس، فشعر هؤلاء الطلبة بخطئهم، وأصدروا بيانًا يعتذرون فيه لجامعتهم وأساتذتهم وزملائهم، ووزعوه على كلِّ الصحف وأجهزة الإعلام، إلا أنه للأسف الشديد لم ينشره معظمها، واستمرَّت في حملةِ الافتراءِ على الجماعة والتحريض على البطش بها، الأمر الذي تبعه الحملةُ الأمنيةُ التي طالت ستة عشر شخصًا من قيادات الجماعة وأعضاء هيئات التدريس في الجامعات ونحو مائة وأربعين من طلاب الأزهر، ولا تزال حملة التصعيد والتحريض مستمرةً، وحتى لا تطغى دقات طبول الحرب الإعلامية هذه على ذاكرةِ الأمة فإننا نذكر بالآتي:

- إننا نتبنى منهجًا إصلاحيًّا سلميًّا متدرجًا مستمدًّا من الإسلام الذي يعني ببناء الإنسان وبناء الأسرة وإصلاح المجتمع في كل جوانبه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتعليمية في مسارات متزامنة ومتشابكة، كما نرى أن هذا الإصلاح لا بد أن يستند إلى المبادئ الخلقية في كل جوانب الحياة، فالصدق والأمانة والنزاهة والوفاء والتضحية والإخلاص يجب أن تكون عصب أي نشاطٍ، إضافةً إلى الحرية والعدل والمساواة والحق، ومن هنا فقد أعلنا إيماننا بأن الشعب هو مصدر السلطات، وبالتعددية السياسية وبحق تكوين الأحزاب، وتداول السلطة سلميًّا، ونزاهة الانتخابات، واستقلال القضاء، والفصل بين السلطات، وحرية الصحافة، ورفضنا تمامًا استخدام العنف والإرهاب سبيلاً لتحقيق مآرب سياسية أو غيرها.

- ولقد صدق سلوكُنا قولَنا فلقد أسهم الأستاذ عمر التلمساني- رحمه الله- في إزالةِ احتقانات طائفية وغير طائفية كثيرة، وقمنا بالتصدي لفكرِ التكفير والعنف، وحمينا عشرات الآلاف من الشباب من الوقوع في هذا المنزلق، وأدنا كل جرائم العنف والاغتيال والإرهاب أيًّا كان مصدره، وطالبنا بدراسة أسبابه وعلاج جميع الأسباب، والسعي لتحقيق مصالحة وطنية، ووقف الاعتقال العشوائي والتعذيب والمحاكمات الصورية، ووجوب الإحالة إلى القضاء الطبيعي واحترام القانون وأحكام القضاء، وحقوق الإنسان، وعلاج الفقر والبطالة وتحقيق التكافل الاجتماعي، ومقاومة الفساد وأسهمنا في العمل السياسي والنقابي والاجتماعي، وأقبل الناس علينا يمنحوننا ثقتهم في النقابات ونوادي أعضاء هيئات التدريس ومجلس الشعب، واتحادات الطلاب، وبدلاً من أن تكون المنافسة على تأييد الشعب منافسة شريفة إذا بالحكومة وغير المنصفين من العلمانيين يشنون علينا حملةً لا هوادة فيها بغية إقصائنا عن الشعب وإقصاء الشعب عنَّا، تمثلت هذه الحملة فيما يلي:

- رفض الاعتراف بنا، ووصفنا بالجماعة المحظورة حتى يتسنى لهم البطش بنا وقتما يريدون، وتحجيم حركتنا ونشاطنا، وحرماننا من حقوقنا كمواطنين مصريين وكفصيلٍ شعبي وسياسي كبير.

- استخدام الكتلة التصويتية للحزب الوطني- والتي يعلم الجميع كيف حصلوا عليها- في سن تشريعات أو مدها للتضييق عليها وإيقاع الأذى والظلم بنا، كقانون الطوارئ وقانون الأحزاب، ولجنة الأحزاب ومحكمة الأحزاب، وقانون النقابات والصحافة والسلطة القضائية.. وغيرها.

- تأجيل انتخابات المحليات لمدة عامين رغم الإجماع على فساد المجالس المحلية الحالية حتى لا ننافسهم فيها.

- وقف انتخابات النقابات المهنية ونوادي أعضاء هيئات التدريس بالجامعات خشية فوزنا فيها.

- تزوير انتخابات الغرف التجارية واتحادات العمال بعد شطب مرشحينا واعتقال آخرين.

- سجن عدد كبير من رجالنا قارب خمسة وعشرين ألفًا خلال السنوات العشر الماضية ابتداءً من طلبةِ بالثانوي إلى شيوخ بلغوا الثمانين من العمر، لدرجة أنَّ السجون لم تخل من الإخوان ابتداءً من سنة 1992م، وحتى الآن.

- تعذيب عددٍ غير قليل من الإخوان في مقار أمن الدولة وسقوط أحدهم شهيدًا.

- تقديم ما يزيد على مائة وخمسين من قياداتنا لخمس محاكمات أمام القضاء العسكري والحكم على معظمهم بالسجن من 3- 5 سنوات بدون ذنبٍ ولا جريرة.

- تزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة في عددٍ من الدوائر، واستخدام الرشوة والبلطجة والأمن في الاعتداء على الناخبين وبعض القضاة إلى حدِّ قتل عددٍ من المواطنين وإصابة الكثيرين، ورغم ذلك فقد نجح 88 نائبًا من إخواننا، واعترف الدكتور نظيف بإسقاط 40 آخرين بالتزوير.

- استغلال التليفزيون والصحافة المسماة بالقومية في شنِّ حملات تشويهية وأكاذيب وافتراءات علينا دون السماح لنا بالرد أو توضيح الحقيقة.

- منع إذاعة جلسات مجلس الشعب في التليفزيون، مثلما كان يحدث من قبل مع البرلمان السابق بهدف التعتيم الإعلامي على أنشطة وأداء نوابنا الثمانية والثمانين.

- الوقوف وراء منع صدور جريدة (آفاق عربية) التي كنا نكتب وننشر من خلالها، ومصادرة الكتب التي يجدونها في بيوت الإخوان.

- إغلاق عدد من الشركات والأنشطة التجارية ومصادرة ما يجدونه في بيوت الإخوان من أموالٍ عند القبض عليهم.

- تحويل عدد كبير يبلغ الآلاف من المدرسين وأئمة المساجد إلى وظائف إدارية.

- منع عدد كبير من الإخوان من السفر للخارج بقرارات إدارية دون الحصول على أحكام قضائية بذلك، بل ضد الأحكام القضائية التي يحصل عليها بعض الممنوعين من السفر.

- ضرب المتظاهرين سلميًّا في الشوارع تأييدًا للقضاة، وسحلهم على الأرض بواسطة فرق الكاراتيه الخاصة بالأمن المركزي، واعتقال البعض الآخر، وكان آخر المفرج عنهم من هذه القضية الدكتورين محمد مرسي وعصام العريان بعد سبعة أشهرٍ وراء القضبان.

- هذا كله يدل على مدى الظلم والاضطهاد الذي نُعاني منه على يد إخواننا في الدين والوطن، بل على يد المسئولين عن توفير العدل والأمن والحرية لنا، ورغم ذلك فإننا نتذرع بالصبر والاحتساب، ونفتح عقولنا وصدورنا للحوار، ونمد أيدينا للتعاون حرصًا على الصالح العام ولم نُفكِّر لحظةً في الغضب لأنفسنا.

- ثم جاءت حكاية الطلبة، حيث مُنع طلاب الإخوان وغيرهم ممن لا يعرف الأمن انتماءاتهم من الترشيح لاتحادات الطلاب، ومن قبلت أوراق ترشيحهم منهم تمَّ شطبه قبل بدء الانتخابات، وبالتالي لم ينجح إلا مَن حظي برضا الأمن، واضطر الطلاب الآخرون إلى إجراء انتخابات موازية لإنشاء اتحاد طلاب حر لا يخضع لإملاءات الإدارة والأمن، وهنا استعانت إحدى الجامعات بالبلطجية المسلحين بالأسلحة البيضاء للعدوان على الطلبة داخل الجامعة، وتحت سمع وبصر الحرس الجامعي الذي وقف يتفرج على العدوان ولم يتدخل، وأُصيب عدد من طلاب الإخوان وحملوا إلى المستشفيات، وتمَّ تحويل عددٍ من طلابِ الاتحاد الحر إلى مجالس تأديب وفصل بعضهم من الدراسة لمدة شهر؛ الأمر الذي استثار حفيظة زملائهم فاعتصموا احتجاجًا على هذا الفصل، وأثناء الاعتصام جرى العرض الذي تحدثنا عنه في صدر هذا البيان، والذي استنكرناه واعتذر الطلاب عنه؛ فهل هذا يستحق كل هذا الضجيج والتحريض والافتراءات أم أنَّ وراء هذا الدخان الأسود الكثيف أمرًا بُيِّتَ بليل؟ هذا ما ستسفر عنه الأيام.

أما نحن فسنظل نقتدي برسولنا- صلى الله عليه وسلم- الذي أُوذي أشد الإيذاء فصبر صبرًا جميلاً وهو يدعو لقومه، وسنستجيب لإمامنا الراحل حسن البنا في قوله: "كونوا كالشجر يرميه الناس بالحجر ويرميهم بالثمر"، ونردد معه قوله: "ونحب كذلك أن يعلم قومنا أنهم أحب إلينا من أنفسنا، وأنه حبيبٌ إلى هذه النفوس أن تذهب فِداءً لعزتهم إن كان فيها الفداء، وأن تزهق ثمنًا لمجدهم وكرامتهم ودينهم وآمالهم إن كان فيها الغناء، فنحن نعمل للناس في سبيل الله أكثر مما نعمل لأنفسنا، فنحن لكم لا لغيركم أيها الأحباب ولن نكون عليكم يومًا من الأيام".

﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) (الطلاق).

وما حقيقة ما حدث في جامعة عين شمس:

اقتحم عشرات البلطجية- تدعمهم عناصر الأمن- حرم جامعة عين شمس، وقاموا بالاعتداء على الطلاب والطالبات المعتصمين أمام المبنى الإداري للجامعة بالضرب وإلقاء القنابل الصوتية المليئة بقطع الزجاج وقنابل المولوتوف؛ ما أدَّى إلى إصابات خطيرة وسط الطلاب كما تمَّ اعتقال 13 طالبًا آخرين أثناء خروجهم من الجامعة.

وكان ما يقرب من 1000 طالب وطالبة قد نظَّموا صباح اليوم مسيرةً ضخمةً طافت أرجاء الجامعة؛ احتجاجًا على شطب الطلاب غير المرضي عنهم أمنيًّا من القوائم النهائية لانتخابات اتحاد الطلاب، وتخلل المسيرة قيام الطلاب بحملة توقيعات استهدفت 2000 طالب لرفض الشطب وعدم الاعتراف بشرعية الاتحاد الحكومي المُعيَّن، ثم توجهت المسيرة للمبنى الإداري للجامعة بقصر الزعفرانة، وطلبوا الحديث مع الدكتور أحمد زكي بدر- رئيس الجامعة- والذي أنكر قيام إدارة الجامعة بشطب أي طالب، فلما واجهه الطلاب بأسماء وأعداد المشطوبين انسحب من الحديث مع الطلاب!!.

وعقب انسحاب رئيس الجامعة بدأ العشرات من قوات الأمن والبلطجية في التجمع بجوار الطلاب، فاستغاث الطلاب برئيس جامعتهم، حتى نزل إليهم، ولكنه بدأ في التهكم من الطلاب المعتصمين، ثم أعطى إشارةَ البدء للبلطجية للاعتداء على الطلاب، فتحوَّل حرم الجامعة إلى ساحة حرب؛ حيث بدأت القنابل الصوتية وقنابل المولوتوف في الهبوط على الطلاب، وسط ضرب متواصل من قبل عساكر وضباط الأمن بالأحزمة، والذين لم يفرِّقوا بين طالب وطالبة.

كما قاموا بتحطيم جميع السيارات الموجودة في المكان، كل ذلك تحت سمع وبصر ومباركة رئيس الجامعة، الذي استغاث به الطلاب، ولكنه اكتفى بمتابعة الأحداث من شرفة مكتبه!!.

كما تم الاعتداء بالضرب على عمرو شرف- مصوِّر جريدة (الدستور)؛ ما أدى إلى حدوث قطع في رأسه، تم على إثره تم نقله إلى مستشفى عين شمس، وقد حاولت قوات الأمن اعتقاله وأخذ كاميرا التصوير الخاصة به، لولا تدخل الطلاب وإنقاذه من بين أيديهم!!.

بعد كل هذه الأحداث آثر الطلاب إنهاء الموقف بالانسحاب خارج الجامعة، ولكن البلطجية وقوات الأمن تابعوا الاعتداء عليهم، وقاموا بتحطيم أغلب السيارات الموجودة بجوار أسوار الجامعة، كما قامت قوات الأمن باعتقال 13 طالبًا ونقلهم إلى قسم الوايلي، وتم سحلهم والاعتداء عليهم أثناء اعتقالهم، وتم تهديد آخرين بالقبض عليهم وقت العودة لبيوتهم!!.

وفي تطور لاحق، أفرجت نيابة الوايلي عن الطلاب الذين كان قد تم اعتقالهم داخل وخارج الجامعة ظهر الأربعاء 24/10/2007م، وقد وصفت النيابة الأدلة التي قدَّمها جهاز أمن الدولة بالواهية وعلى إثره أخلت سبيل الطلاب وتم إعادتهم إلى قسم الوايلي، إلا أن الطلاب فُوجئوا بإعادة اعتقالهم مرة أخرى وترحليهم إلى مقر جهاز مباحث أمن الدولة بلاظوغلي.

وقد تم القبض أيضًا على 4 طلاب آخرين في نفس اليوم، ولكن تم حبسهم داخل مكاتب الحرم الجامعي، وقام البلطجية وضباط الأمن بالاعتداء المتواصل بالضرب، ثم تم إخلاء سبيلهم في وقت متأخر من الليل.

وفي سياق متصل، أصدر اتحاد الطلاب المعيَّن بيانًا، تمَّ توزيعه على نطاق واسع داخل الجامعة حول الأحداث، قلب فيه جميع الحقائق بشكل فاضح ومستفز.

وذكر البيان في بدايته استنكاره لما أسماه الأحداث المؤسفة التي وقعت يوم الأربعاء 24/10/2007م.. وإلى هنا تنتهي الحقيقة الوحيدة الموجودة بالبيان ليبدأ سيل كبير من الافتراءات؛ حيث ذكر البيان أن من قام بهذه الأعمال هم الطلاب المنتمون إلى جماعة الإخوان المسلمين.

كما ذكر البيان أيضًا أن الأحداث أدَّت إلى إصابة طلاب الاتحاد بإصابات بالغة، ونسي أن يوضح أن من أُصيب هم طلاب الإخوان أنفسهم ومصورو الصحافة.

أخطاء تاريخية وجهل تحريفات

بما أن الغرض من هذا المسلسل هو تشويه الإخوان وتأليب الرأي العام عليهم، فلا قيمة للتاريخ، ولا مجال للحديث عن الدقة العلمية؛ المهم هو توصيل رسالة للمشاهد، مفادها أن هؤلاء الناس انحرفوا بالدين وأفسدوا السياسة، وأنهم السبب فيما يعانيه الناس من غلاء وبلاء.

ورغم وجود كثيرين استعان بهم وحيد ليحققوا التاريخ- كما ادَّعى- وليضبطوا الوقائع؛ فإنه وقع في العديد من الأخطاء والمآزق، الذي يعد أحدها كفيلا- إن عُقدت لهذا المسلسل محاكمة عادلة- بإدانة وحيد بالتزوير واتهام البُرآء بدون دليل.

وقد أحصينا عدة أخطاء تاريخية وقع فيها المسلسل، بنى عليها المؤلف مشاهد أخرى كذبًا وزوَّرا منها:

- في الحلقة الرابعة يستمع أحمد البنا (والد الإمام) إلى أم كلثوم، وذلك عام 1918م، والإمام عمره 12 سنة، مع العلم أن أسطوانات أم كلثوم لم تُطبع قبل عام 1928م.

- وفي حلقة أخرى مجموعة من إخوان النظام الخاص يتدربون بشكل ساذج على مجموعة من البنادق الخشبية قبل عام 1936م، ومعلوم أن النظام الخاص للجماعة أُنشئ عام 1940م.

- وفي إحدى الحلقات ينشئ الإخوان المستوصفات الطبية في ثلاثينيات القرن الماضي، في حين أنها أُنشئت في الأربعينيات وتحديدًا عام 1944م.

- وفي مشهد بإحدى الحلقات يتحدث الإمام البنا مع الشيخ رشيد رضا، مؤكدًا له أنه سيحج بعد أيام مع 100 من الإخوان، ومعلوم أن حج الإمام مع إخوانه كان عام 1936م، في حين تُوفي الشيخ رشيد رضا قبلها بعام واحد 1935م.

- وفي مشهد آخر، يبدو البنا- في الإسماعيلية- يدرِّب فرق الجوالة، في حين لم يؤسس الجوالة إلا بعد انتقاله للقاهرة عام 1932م.

- وفي الحوار الذي دار بين السفير البريطاني ومساعده الموظف، يقول للسفير عن الجماعة التي لم يكن قد مرَّ على تأسيسها عام واحد هذه الجماعة شعارها "الإسلام هو الحل"، رغم أن هذا الشعار رفعه الإخوان لأول مرة في انتخابات عام 1987م.

ناهيك عن مشاهد بدا فيها الجهل بصحيح الدين وبما يجري في مجتمعات الإخوان.. ففي أكثر من حلقة يقرأ البنا وأصحابه الفاتحة (كما يفعل البسطاء)، وبهجت السواح يقول بعد تسليمه من الصلاة، وكان يؤم الإخوان: "حرمًا يا إخواني"، ويضع أيضًا خرزة زرقاء على باب بيته لمنع الحسد.

أما التحريفات فقلما خلت منها حلقة من الحلقات، فمن يراجع مذكرات الدعوة والداعية يجد وحيد قد انتقى منها مواقف عديدة قام بتزويرها، بالانتقاص منها، أو الإضافة إليها، ونسوق هنا مثالاً لمشهد ورد في الحلقة الثانية عشرة، يجمع الإمام الشهيد في منزل قاضي الإسماعيلية الشرعي مع مجموعة من الوجهاء وأصدقاء القاضي الذين تطرقوا إلى مسألة الشرب في أواني الفضة.. ويبدو البنا في المشهد منهزمًا لا فقه له ولا حجة، في حين ما ورد في المذكرات يؤكد أنه استطاع إقناع الموجودين برأيه، وقد نفذوا ما طلب منهم بكل حب وأريحية، وكانت جلسة ممتعة كما قال الإمام رحمه الله.

ومن التحريفات الشنيعة أيضًا: إجراؤه حوارات على لسان بعض الشخصيات يدلون فيها بآراء وأفكار لم يقولوها على الإطلاق، وعلى رأس هؤلاء بالطبع الإمام البنا فقد أجرى وحيد على لسانه أفكارًا علمانيةً، لو قالها وقتها أمام الإخوان لفصلوه من الجماعة؛ خصوصًا المتعلق منها بالعمل في السياسة وبمجاملة الحكام على حساب الدين.

وأيضًا ما جرى على لسان الشيخ طنطاوي جوهري من أن الدين يفسد السياسة والسياسة تفسد الدين.. وكذلك ما جرى في مجلس الشيخ الدجوي، وقيام أصدقائه بإهانة البنا وخروجه صفر اليدين (راجع المذكرات لتتأكد من كذب المؤلف وحذفه عامدًا لباقي القصة).

أما الكذب خلال حلقات المسلسل فحدِّث ولا حرج، وقد أشرنا إلى كثير منها أثناء عرضنا لموجز الحلقات، وذكرنا أن أعظم كذبة في المسلسل كانت إيهام المشاهد بأن قتلى حادث تفجير قنبلة محكمة الاستئناف زادوا عن 25 قتيلاً، والحقيقة أنه لم يُقتل مواطن واحد في هذا الحادث.

وتؤكد المصادر التاريخية الموثوقة أن الحادثة وقعت في 12/1/1949م، أي بعد مقتل النقراشي بأيام، ردًّا على ما كان يجري من تعذيب للإخوان المتهمين في قضية النقراشي، وقد قام بالمحاولة شفيق إبراهيم أنس 22 سنة، وكان يعمل موظفًا بأرشيف وزارة الزراعة؛ حيث وضع عبوة حارقة بجوار الخزانة التي تحتوي على جميع أوراق قضية السيارة الجيب، وقد أراد أيضًا أن ينسف المحكمة؛ انتقاما لما يجري بين جدرانها من تزييف وتلفيق، وقد تم القبض عليه في ميدان باب الخلق بعدما لاحقه أحد المخبرين من داخل المحكمة حتى الميدان المذكور.

وقد نُظرت القضية أمام المحكمة نفسها التي نظرت قضية اغتيال النقراشي، ولم تستغرق المحاكمة إلا أيامًا قليلة، صدر بعدها الحكم على المتهم بالأشغال الشاقة المؤبدة.

(5)

يرى وحيد حامد جماعة الإخوان المسلمين بل كل المتدينين من خلال نظارة سوداء قاتمة يضعها على عينيه.

وهو لهذا لا يرى سوى القبح والسوء، كما لا يرى لهؤلاء الناس حقًّا في الوجود؛ لأنهم في نظره كما جاء في حلقات مسلسله الميمون متعصبون لا يعرفون السماحة، متشددون يتخذون العنف منهجًا وطريقًا، يكرهون الأقباط والمرأة، ولا يعرفون شيئًا عن المواطنة يعتبرون أنفسهم مسلمين، وما عداهم غير مسلمين، مستعلون على الآخرين، يُخفون ما لا يبطنون، انتهازيون، يتاجرون بالدين ويخلطونه بالسياسة، ويتعاونون مع الشيطان في سبيل مصلحتهم، ويستغلون حاجة الناس وفقرهم في تحقيق مصالحهم الشخصية، يبيحون الكذب، ويسرقون أموال الزكاة؛ ليوزعوها على أنفسهم، أما شباب الإخوان فهم تافهون سطحيون يتحدثون الفصحى، مثل كفار قريش في الأفلام السينمائية.

يتعامل وحيد مع الإخوان بمبدأ إن رأيت حسنة كتمتها، وإن رأيت سيئة أذعتها، فهو لا يعترف بحقوق الإنسان مع هذه الجماعة؛ ولذا أغلق عينه تمامًا عما وقع قديمًا وحديثًا، وإذا قلنا إنه يجهل ما وقع للإخوان منذ أربعينيات القرن الماضي من انتهاكات يشيب لها الولدان، فلا نعتقد أنه يجهل ما وقع لهم على أيدي أولياء نعمته، ومدعِّمي مسلسله منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي وحتى هذه الساعة.

اعتقالات بالآلاف، و7 محاكمات عسكرية، وقتل 4 أعضاء من الجماعة:

إنه بعد مقتل السادات وخروج مرشد الإخوان الثالث عمر التلمساني من السجن اتجهت الجماعة نحو العمل العام مثل: البرلمان، النقابات، نوادي التدريس، العمل الطلابي؛ من أجل التغيير عن طريق النضال الدستوري.

وقد تقدَّمت الجماعة أكثر من مرة بطلب لإنشاء حزب وشركات صحافة تستخدمها في عملها السياسي، لكن الحكومات المتتالية ما زالت ترفض حتى كتابة هذه السطور، رغم ما تمنحه لغير الإخوان، ممن لا يتمتعون بأي ثقل شعبي أو قيمة سياسية، وقد خاض الإخوان الانتخابات النيابية في أعوام 1984م، 1987م، 1995م، 2000م، 2002م، 2005م، وفي مجلس الشورى عام 1989م نجح نوابهم، رغم التضييق الشديد والاحتكاكات من جانب السلطة، حتى وصل عدد نوابهم في آخر انتخابات ديسمبر 2005م ، 88 نائبًا، ولقد نجح الإخوان في غالبية النقابات المهنية، ونوادي التدريس، والجمعيات الأهلية، والانتخابات الطلابية بصورة لافتة، وهو ما جعل النظام الحالي متوجسًا منهم طوال الوقت، فعمل بشتَّى الطرق لمنع الإخوان من ممارسة العمل السياسي بسنِّ القوانين، وإطلاق يد الأمن في كل شيء، واعتقال أعضاء الجماعة، ومصادرة أموالهم وممتلكاتهم وتلفيق التهم إليهم:

1- اعتقالات بالآلاف: إنه منذ عام 1983م لم تخل سجون مصر ومعتقلاتها من الإخوان، ولقد استغل النظام مناسبات بعينها، فكان يعتقل في المناسبة الواحدة الآلاف من أعضاء الجماعة، ففي انتخابات 1987م اعتقل أكثر من 2500 عضو، وأثناء مظاهرات الإصلاح 2006م تخطَّى العدد الـ3000 أخ، وفي غير المناسبات أيضًا كانت وما زالت هناك اعتقالات واقتحامات وانتهاكات بشكل يومي، وغنيٌّ عن البيان ما يتم إثر اعتقال الأعضاء من تعذيب وتجاوزات، وغنيٌّ عن البيان أيضًا ما يتم من التضييق على أعضاء الجماعة في معايشهم ومشاريعهم الاقتصادية، وتعمُّد تعطيلها، وإثارة الشبهات حولها.

2- مقتل 4 من الجماعة: وقد اغتال النظام منذ مجيئه اثنين من الإخوان داخل السجون، وقُتِلَ أخ ثالث؛ بسبب قنبلة ألقيت عليه، ومات أخ رابع في إحدى سيارات الترحيلات، بعدما تعمدوا عدم إسعافه.. غير كثيرين ماتوا موتًا بطيئًا بعد خروجهم من المعتقلات؛ بسبب التعذيب والإهمال والحالة السيئة التي عليها السجون.

ففي 8 نوفمبر 1981م قُتل كمال السنانيري أحد قادة الإخوان بعد تعرضه لتعذيب بشع بأوامر وزير الداخلية وقتها حسن أبو باشا، لقد شنقوه وادعوا انتحاره، وشهد العشرات أن هذه الجريمة الدنيئة خَطَّط لها النظام ونفذتها ثلة من المجرمين الذين لا ضمير لهم بسبب مواقف الشهيد الجريئة ضد الاستبداد والظلم.

وفي يوم 3/11/2003م مات تحت التعذيب مسعد قطب من إخوان الجيزة؛ حيث تم اعتقاله بمقر أمن الدولة بالجيزة (جابر بن حيان) يوم 31/10/2003م وقاموا باستجوابه عدة مرات، ومارسوا ضده أشكالاً متنوعة من التعذيب، ورغم إثبات النيابة وقوع تعذيب شديد على الشهيد إلا أن أحدًا من المجرمين الذين اغتالوه لم يُقَدَّم إلى المحاكمة.

وفي يوم 9 / يونيو 2004م فاضت روح المهندس أكرم زهيري، كان ضمن 58 معتقلاً من الإخوان من رجال الأعمال والأثرياء؛ حيث صادرت سلطات الأمن أكثر من 4 ملايين جنيه من بيوتهم وشركائهم، إضافة إلى كميات كبيرة من الذهب، وقد تعرضوا للعنت الشديد أثناء اعتقالهم، ونقل بعضهم من السجن إلى مقرات أمن الدولة؛ للتنكيل بهم، وكان أكرم زهيري مريضًا بالسكر، فمنعوا عنه العلاج فساءت حالته، وقد حذَّر إخوانه ومحاموه من تطور حالته لكن المسئولين زادوا في إهمالهم له، وأصروا على حضوره جلسات العرض على النيابة وهو محمول على أيدي إخوانه حتى سقط منهم ميتًا يشكو إلى ربه ما فعله المجرمون.

وفي 6 / 5 / 2005م قامت قوات أمن الدقهلية بقتل طارق غنام بمدينة طلخا، بإلقاء قنبلة مسيلة للدموع عليه ضمن أعداد من الإخوان تظاهروا في أحد المساجد من أجل القضية الفلسطينية.

3- سبع محاكمات عسكرية: ولقد عقد النظام لأفراد الجماعة- حتى كتابة هذه السطور- سبع محاكمات عسكرية رغم اعتراض الجميع عليها؛ لمخالفتها القانون، وفي الوقت الذي يحاكم فيه الإخوان بتهم باطلة أمام قضاء عسكري كان الجواسيس لحساب إسرائيل يحاكمون أمام القضاء العادي.

أما القضايا التي أحيل فيها الإخوان إلى المحاكم العسكرية فهي:

1- القضية 8/95 بتاريخ 23/11/1995م، 49 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 34، وبراءة 15، وتراوحت عقوبة السجن من 3: 5 سنوات.

2- القضية 11/95 بتاريخ 32/11/1995م، 33 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 20، وبراءة 12، وتراوحت عقوبة السجن من 3: 5 سنوات.

3- القضية 13/95، بتاريخ 30/11/1995م 3 متهمين، تم الحكم بسجن اثنين منهم، وبراءة واحد، (عقوبة السجن: 15 عامًا).

4- القضية 5/96 بتاريخ 14/8/1996م 13 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 8، وبراءة 5، (عقوبة السجن من سنة : 3 سنوات).

5- القضية 18/99 بتاريخ 9/11/2000م، 20 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 15، وبراءة 5، (عقوبة السجن من 2: 5 سنوات).

6- القضية 29/2001 بتاريخ 7/4/2002م، 12 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 15، وبراءة 7، (عقوبة السجن من 3: 5 سنوات).

7- القضية 963/2006 حصر أمن دولة عليا 40 متهمًا، تم الحكم فيها بسجن 25 أخًا بمدد تتراوح بين 3 : 10 سنوات، وتبرئة الباقين.

وحيد الديمقراطي:

لم يتحدث وحيد الديمقراطي في مسلسله عن تزوير الانتخابات، ولا عن التوريث، ولا عن بيع الغاز لإسرائيل، ولا عن التواطؤ مع الصهاينة؛ للقضاء على المقاومة الفلسطينية، ولا عن الفساد الذي وصل للركب، ولا عن البطالة والعنوسة والأوبئة وغيرها، لم يتحدث وحيد في مسلسله عن كلِّ هذا، وإنما كال التهم للإخوان، وأظهرهم بمظهر الخونة الخارجين على الأعراف والقوانين.

كما لم يتحدث وحيد عن دور الإخوان في استعادة هوية الأمة وفي حمايتها من الإباحة والتشدد والعنف، وفي ترسيخ المفهوم الوسطى للإسلام، ولم يتحدث عن دورهم في تقديم نماذج من الجيل المسلم الوطني، وعن دورهم في الارتقاء بالعمل النقابي، وفي الإصلاح، وفي الممارسات السياسية الرائعة، وفي إحياء روح المقاومة السلمية وغير السلمية ضد المستبدين والمحتلين.

يقول الباحث القبطي د. رفيق حبيب: لقد أصبحت الجماعة بنيةً قويةً داخل بنية المجتمع، ولا يمكن بالتالي فصلها عن المجتمع أو عزلها عنه، ولا يمكن انتزاعها، فلم تعد الجماعة نموذجًا يقدم للمجتمع بل أصبحت نموذجًا لمشروع بُني داخل المجتمع، لقد وفَّر الانتشار والشعبية التي تحققت لجماعة الإخوان محمية اجتماعية مترامية الأطراف تحفظ الجماعة وتحتضنها وتحافظ عليها، بحيث أصبحت قادرة على الاستمرار بما توافر لها من دعم من جماهير الأمة.

يصور وحيد حامد البنا وجماعته في حلقات المسلسل الثماني والعشرين كأنهم مجموعة من الدراويش يجتمعون في مكان بائس ذي أضواء خافتة، وتدور بينهم حوارات سطحية تافهة، ليس لهم أهل أو أزواج أو أولاد، ويبدو زعيمهم البنا شخصًا خفيفًا ضحل الفكر.. وما درى هذا المسكين أن هيئة الإخوان المسلمين عند حلها كانت تضم:

1- المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة.

2- أكثر من 2000 ألفي شعبة في أنحاء القاهرة والأقاليم.

3- ما يقارب هذا العدد من جمعيات البر والخدمة الاجتماعية في أنحاء القطر وبالكثير منها مستوصفات ومدارس ونواد رياضية.

4- جيش من الفدائيين يحارب في فلسطين، وكان في تلك الفترة يحمي مؤخرة الجيش المصري، وكان القائد العام للجيش المصري بفلسطين يطالب الحكومة المصرية في نفس تلك الفترة بالإنعام بأوسمة البطولة ونياشينها على ضباط هذا الجيش الفدائي وجنوده لما أظهروا من بطولات فاقت كل تقدير، ولما قاموا من خدمات للجيش المصري لا يستطيعها غيرهم.

5- شركة دار الإخوان للصحافة شركة مساهمة مصرية، مركزها القاهرة، وتصدر جريدة يومية ومجلة أسبوعية عدا مجلتين شهريتين.

6- شركة دار الإخوان للطباعة، شركة مساهمة مصرية مقرُّها القاهرة.

7- دار الطباعة والنشر الإسلامية بالقاهرة، وهي تصدر سيلاً من الكتب الإسلامية القيمة والرسائل النافعة.

8- شركة المناجم والمحاجر العربية شركة تضامن، ومنضم إليها شركة المعاملات الإسلامية بالقاهرة.

9- شركة الإخوان للنسيج بشبرا.

10- شركة الإعلانات العربية بالقاهرة.

11- شركة الإخوان للتجارة بميت غمر.

12- شركة لإصلاح الأراضي بنجح حمادي، وغير ذلك من المؤسسات.

شباب الإخوان في نظر إحسان عبد القدوس:

ونقتطف هنا فقرة للكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، نشرها في تحقيق له بمجلة (روز اليوسف) 13 سبتمبر 1945م يصف فيها شباب الإخوان وقتها، نُهْدِيهَا لوحيد؛ ليتعلم أصول المهنة وعلى رأسها الصدق، وليعلم أن شباب الإخوان هم أنضج وأصلح شباب الأمة، أما الذين حضَّرهم في مشاهد مسلسله فلا يزيدون على كونهم كائنات مضحكة موجودين في مخيلته، يقول عبد القدوس:

"وهم مع كل ذلك شباب (مودرن) لا تحس فيهم الجمود الذي امتاز به رجال الدين وأتباعهم، ولا تسمع في أحاديثهم التعاويذ الجوفاء التي اعتدنا أن نسخر منها، بل إنهم واقعيون يحدثونك حديث الحياة لا حديث الموت، قلوبهم في السماء ولكن أقدامهم على الأرض، يسعون بها بين مرافقها، ويناقشون مشكلاتها، ويحسون بأفراحها وأحزانها، وقد تسمع فيهم مَن ينكت ومَن يحدثك في الاقتصاد والقانون والهندسة والطب".

ماذا قدم البنا؟

إن العشرين عامًا التي قضاها مرشد للجماعة منذ تأسيسها عام 1928م وحتى وفاته فبراير 1949م حفلت بأعظم الأعمال لمصر والعالم الإسلامي، وهي الفترة التي اختزلها وحيد حامد في مشاهد تحض على البغض والكراهية، وتُظْهر الإخوان كأنهم يعوقون التقدم، ويرجعون بالناس القهقري، ويقفون ضد الحريات، ويجمدون الحياة، ويعادون غير المسلمين، ويريدون أن يعلنوا الحرب على العالم كله.

لقد أعلن البنا في الناس أن الإسلام نظام اجتماعي كامل، فهو ليس دينًا فقط بالمعنى الذي قرَّرته النظم الأوروبية في الأذهان مقتصر على المعابد والصوامع والخلوات، ولكنه دين ودولة، ونظام كامل للحياة يتناول كل شيء في المجتمع المؤمنين به والمعتقدين له.. فتنبهت لذلك مشاعر الناس واستنارت أذهانهم، وانطلق بهذه الدعوة بعد ذلك كل كاتب وكل إنسان.

وأنشأت دعوة الإخوان جيلاً جديدًا من الناس يعيش بفكرة، ويعمل لغاية، ويكافح في سبيل عقيدته، ويعطي ولا يأخذ، ويؤمن بالله واليوم الآخر، ويتمسك بالفضيلة ومكارم الأخلاق، يؤثر البذل والتضحية في سبيل الله وابتغاء مرضاته، ويعزف عن الدنيا وشهواتها ومطامعها الزائلة.

وكانت دعوة الإخوان وحدة جامعة للعناصر الحية العاملة المخلصة في كلِّ بلاد العروبة ومواطن الإسلام، وكانت هيئة الاتصال بين الهيئات والجامعات الإسلامية، وقد ساهمت الجماعة في كل الحركات التحريرية للبلاد العربية والإسلامية، فضلاً عن تنبيهها الأذهان إلى حقوق الأقليات الإسلامية في مختلف الأوطان، فكانت بذلك وحدة جامعة بين المسلمين أينما كانوا، أساسها وحدة الألم والأمل، ولحمتها العمل والإيمان.

الدعوة باقية ووحيد ذاهب:

وإذا كان وحيد حامد قد فعل ما فعل ظانًّا أنه قد نجح في شيء، فإننا نؤكد أنه كناطح صخر، إنه ليس أول من يشوه الإخوان، ولن يكون آخرهم، ولقد شهدت الأيام أن الدعوة باقية صامدة ممتدة، يزداد معتنقوها ومحبوها يوما بعد يوم، في حين أُلقى في مزيلة التاريخ كل من تطاول عليها أو حاول استئصالها.

يقول الدكتور محمد حبيب (المصري اليوم: 23/8/2010م) معقبًا على أحداث المسلسل:
"
إن
رصيد هذه الدعوة في قلب وذاكرة ووعي الأمة هو رصيد عظيم، تمامًا كالجبل الراسخ، لا يمكن أن ينال منه معول أيًّا كان حجمه ووزنه، وأيًّا كانت شراسته وضراوته.. صحيح هناك قطاع من الناس سوف يتأثر، لكن الغالبية من الناس لديها حس سياسي، وذكاء اجتماعي، يستطيع أن يميز بين ما هو صالح وطالح.. وفي تصوري أن هذا المسلسل سوف يضيف إلى رصيد الجماعة ولا يخصم منه".

لقد قطع هذا المسلسل السبيل على ما يصف الجماعة بـ(المحظورة)، وصارت الجماعة بغضِّ النظر عما يُقال في شأنها متابعة من الأمة كلها.. سوف تكون هناك برامج حوارية على مستوى كثير من القنوات الفضائية، وسوف يدعى إليها بطبيعة الحال الإخوان المسلمون".

0 comments

إرسال تعليق